للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أي: مهما طلبوا وجدوا، ومع هذا ما شكروا نعمة الله عليهم، بل اشتغلوا بالقوم المؤمنين يحتقرونهم ويحسدونهم، (وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلاءِ لَضَالُّون) أي: لكونهم على غير دينهم، قال الله تعالى: (وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِين) أي: وما بُعث هؤلاء المجرمون (١) حافظين على هؤلاء المؤمنين ما يصدر من أعمالهم وأقوالهم، ولا كلفوا بهم؟ فلم اشتغلوا بهم وجعلوهم نصب أعينهم، كما قال تعالى: ﴿قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ * إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ * فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ * إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ﴾ [المؤمنون: ١٠٨ - ١١١].

ولهذا قال هاهنا: (فَالْيَوْمَ) يعني: يوم القيامة (الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ) أي: في مقابلة ما ضحك بهم أولئك.

﴿عَلَى الأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ (٣٥) هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (٣٦)

(عَلَى الأرَائِكِ يَنْظُرُونَ) أي: إلى الله ﷿، في مقابلة من زعم فيهم أنهم ضالون، ليسوا بضالين، بل هم من أولياء الله المقربين، ينظرون إلى ربهم في دار كرامته.

وقوله: (هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ)؟ أي: هل جوزي الكفار على ما كانوا يقابلون به المؤمنين من الاستهزاء والتنقص أم لا؟ يعني: قد جوزوا أوفر الجزاء وأتمه وأكمله.

آخر [تفسير سورة] (٢) "المطففين".

[تفسير سورة الانشقاق]

وهي مكية.

قال مالك، عن عبد الله بن يزيد، عن أبي سلمة: أن أبا هريرة قرأ بهم: " إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ "فسجد فيها، فلما انصرف أخبرهم أن رسول الله سجد فيها. رواه مسلم والنسائي، من طريق مالك، به (٣).

وقال البخاري: حدثنا أبو النعمان، حدثنا معتمر، عن أبيه، عن بكر، عن أبي رافع قال: صليت مع أبي هُرَيرة العتمة فقرأ: " إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ "فسجد، فقلت له، قال: سجدتُ خلف أبي القاسم فلا أزال أسجد بها حتى ألقاه (٤).

ورواه أيضا عن مسدد، عن معتمر، به. ثم رواه عن مسدد، عن يزيد بن زُرَيع، عن التيمي، عن بكر، عن أبي رافع، فذكره (٥) وأخرجه مسلم وأبو داود والنسائي من طرق، عن سليمان بن طِرْخان التيمي، به (٦) وقد روى مسلم وأهل السنن من حديث سفيان بن عُيَينة-زاد النَّسائي: وسفيان الثوري-كلاهما عن أيوب بن موسى، عن عطاء بن ميناء، عن أبي هريرة قال: سجدنا مع رسول الله في (إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ) و (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) (٧).

﴿إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (١) وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ (٢) وَإِذَا الأَرْضُ مُدَّتْ (٣) وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ (٤) وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ (٥) يَا أَيُّهَا الإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلاقِيهِ (٦) فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ (٧) فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا (٨) وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا (٩) وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ (١٠) فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا (١١) وَيَصْلَى سَعِيرًا (١٢) إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا (١٣) إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ (١٤) بَلَى إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيرًا (١٥)


(١) في أ: "المجرمين" وهو خطأ.
(٢) زيادة من أ.
(٣) صحيح مسلم برقم (٥٧٨) وسنن النسائي الكبرى برقم (١١٦٦٠).
(٤) صحيح البخاري برقم (٧٦٦).
(٥) صحيح البخاري برقم (٧٦٨).
(٦) صحيح مسلم برقم (٥٧٨) وسنن أبي داود برقم (١٤٠٨) وسنن النسائي (٢/ ١٦١).
(٧) صحيح مسلم برقم (٥٧٨) وسنن أبي داود برقم (١٤٠٧) وسنن الترمذي برقم (٥٧٣) وسنن النسائي (٢/ ١٦٢).