للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مؤمنا شربة (١) على ظمأ، سقاه الله تعالى يوم القيامة من الرحيق المختوم. وأيما مؤمن أطعم مؤمنا على جوع، أطعمه الله من ثمار الجنة. وأيما مؤمن كسا مؤمنا ثوبا على عُري، كساه الله من خُضر الجنة" (٢).

وقال ابن مسعود في قوله: (خِتَامُهُ مِسْكٌ) أي: خلطه مسك.

وقال العوفي، عن ابن عباس: طيب الله لهم الخمر، فكان آخر شيء جعل فيها مسك، خُتِم بمسك. وكذا قال قتادة والضحاك.

وقال إبراهيم والحسن: (خِتَامُهُ مِسْكٌ) أي: عاقبته مسك.

وقال ابن جرير: حدثنا ابن حميد، حدثنا يحيى بن واضح، حدثنا أبو حمزة، عن جابر، عن عبد الرحمن بن سابط، عن أبي الدرداء: (خِتَامُهُ مِسْكٌ) قال: شراب أبيض مثل الفضة، يختمون به شرابهم. ولو أن رجلا من أهل الدنيا أدخل أصبعه فيه ثم أخرجها، لم يبق ذو روح إلا وجد طيبها (٣).

وقال ابن أبي نَجِيح، عن مجاهد: (خِتَامُهُ مِسْكٌ) قال: طيبه مسك.

وقوله: (وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ) أي: وفي مثل هذا الحال فليتفاخر المتفاخرون، وليتباهى ويكاثر (٤) ويستبق إلى مثله المستبقون. كقوله: ﴿لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ﴾ [الصافات: ٦١].

وقوله: (وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ) أي: ومزاج هذا الرحيق الموصوف من تسنيم، أي: من شراب يقال له تسنيم، وهو أشرف شراب أهل الجنة وأعلاه. قاله أبو صالح والضحاك؛ ولهذا قال: (عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ) أي: يشربها المقربون صِرْفًا، وتُمزَجُ لأصحاب اليمين مَزجًا. قاله ابن مسعود، وابن عباس، ومسروق، وقتادة، وغيرهم.

﴿إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ (٢٩) وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ (٣٠) وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ (٣١) وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلاءِ لَضَالُّونَ (٣٢) وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ (٣٣) فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ (٣٤)

يخبر تعالى عن المجرمين أنهم كانوا في الدار الدنيا يضحكون من المؤمنين، أي: يستهزئون بهم ويحتقرونهم (٥) وإذا مروا بالمؤمنين يتغامزون عليهم، أي: محتقرين لهم، (وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ) أي: إذا انقلب، أي: رجع هؤلاء المجرمون إلى منازلهم، انقلبوا إليها فاكهين،


(١) في م: "شربة ماء".
(٢) المسند (٣/ ١٣) وعطية العوفي ضعيف.
(٣) تفسير الطبري (٣٠/ ٦٨).
(٤) في م، أ: "ويتكاثر".
(٥) في أ: "يحقرونهم".