للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{قَالَ وَمَا عِلْمِي بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١١٢) إِنْ حِسَابُهُمْ إِلا عَلَى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ (١١٣) وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الْمُؤْمِنِينَ (١١٤) إِنْ أَنَا إِلا نَذِيرٌ مُبِينٌ (١١٥) } .

يَقُولُونَ: أَنُؤْمِنُ لَكَ وَنَتَّبِعُكَ، وَنَتَسَاوَى فِي ذَلِكَ بِهَؤُلَاءِ الْأَرَاذِلِ (١) الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ وَصَدَّقُوكَ، وَهُمْ أَرَاذِلُنَا (٢) ؛ وَلِهَذَا قَالُوا: {أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الأرْذَلُونَ. قَالَ وَمَا عِلْمِي بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} ؟ أَيْ: وَأَيُّ شَيْءٍ يَلْزَمُنِي مِنَ اتِّبَاعِ هَؤُلَاءِ لِي، وَلَوْ كَانُوا عَلَى أَيِّ شَيْءٍ كَانُوا عَلَيْهِ لَا يَلْزَمُنِي التَّنْقِيبُ عَنْهُ وَالْبَحْثُ وَالْفَحْصُ، إِنَّمَا عليَّ أَنْ أَقْبَلَ مِنْهُمْ تَصْدِيقَهُمْ (٣) إِيَّايَ، وَأَكِلُ سَرَائِرَهُمْ إِلَى اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ.

{إِنْ حِسَابُهُمْ إِلا عَلَى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الْمُؤْمِنِينَ} ، كَأَنَّهُمْ سَأَلُوا مِنْهُ أَنْ يُبْعِدَهُمْ عَنْهُ لِيُتَابِعُوهُ (٤) ، فَأَبَى عَلَيْهِمْ ذَلِكَ، وَقَالَ: {وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الْمُؤْمِنِينَ * إِنْ أَنَا إِلا نَذِيرٌ مُبِينٌ} أَيْ: إِنَّمَا بُعِثْتُ نَذِيرًا، فَمَنْ أَطَاعَنِي وَاتَّبَعَنِي وَصَدَّقَنِي كَانَ مِنِّي وَكُنْتُ مِنْهُ، سَوَاءً كَانَ شَرِيفًا أَوْ وَضِيعًا، أَوْ جَلِيلًا أَوْ حقيرًا.

{قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ (١١٦) قَالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ (١١٧) فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحًا وَنَجِّنِي وَمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (١١٨) فَأَنْجَيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (١١٩) ثُمَّ أَغْرَقْنَا بَعْدُ الْبَاقِينَ (١٢٠) إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (١٢١) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (١٢٢) } .

لَمَّا طَالَ مُقَامُ نَبِيِّ اللَّهِ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ لَيْلًا وَنَهَارًا، وَجَهْرًا وَإِسْرَارًا، وَكُلَّمَا كَرَّرَ عَلَيْهِمُ الدَّعْوَةَ صَمَّمُوا عَلَى الْكُفْرِ الْغَلِيظِ، وَالِامْتِنَاعِ الشَّدِيدِ، وَقَالُوا فِي الْآخِرِ: {لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ} أَيْ: عَنْ دَعْوَتِكَ إِيَّانَا إِلَى دِينِكَ يَا نُوحُ {لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ} أَيْ: لنرجمنَّك (٥) . فَعِنْدَ ذَلِكَ دَعَا


(١) في أ: "الأرذال".
(٢) في أ: "أرذالنا".
(٣) في أ: "صدقهم".
(٤) في ف: "ليتابعون" وفي أ: "ليبايعوه.
(٥) في أ: "لنرجمك".

<<  <  ج: ص:  >  >>