للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[تفسير سورة القارعة]

وهي مكية.

﴿الْقَارِعَةُ (١) مَا الْقَارِعَةُ (٢) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ (٣) يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ (٤) وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ (٥) فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ (٦) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (٧) وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ (٨) فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ (٩) وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ (١٠) نَارٌ حَامِيَةٌ (١١)

(الْقَارِعَةُ) من أسماء يوم القيامة، كالحاقة، والطامة، والصاخة، والغاشية، وغير ذلك.

ثم قال معظمًا أمرها ومهولا لشأنها: (وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ)؟ ثم فسر ذلك بقوله: (يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ) أي: في انتشارهم وتفرقهم، وذهابهم ومجيئهم، من حيرتهم مما هم فيه، كأنهم فراش مبثوث (١) كما قال في الآية الأخرى: ﴿كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ﴾

وقوله: (وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ) يعني: قد صارت كأنها الصوف المنفوش، الذي قد شَرَع في الذهاب والتمزق.

قال مجاهد، وعكرمة، وسعيد بن جبير، والحسن، وقتادة، وعطاء الخراساني، والضحاك، والسدي: " الْعِهْنِ" الصوف.

ثم أخبر تعالى عما يئول إليه عمل العاملين، وما يصيرون إليه من الكرامة أو الإهانة، بحسب أعمالهم، فقال: (فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ) أي: رجحت حسناته على سيئاته، (فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ) يعني: في الجنة. (وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ) أي: رجحت سيئاته على حسناته.

وقوله: (فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ) قيل: معناه: فهو ساقط هاو بأم رأسه في نار جهنم. وعَبَّر عنه بأمه-يعني (٢) دماغه-روي نحو هذا عن ابن عباس، وعكرمة، وأبي صالح، وقتادة -قال قتادة: يهوي في النار على رأسه (٣) وكذا قال أبو صالح: يهوون في النار على رءوسهم.

وقيل: معناه: (فَأُمُّهُ) التي يرجع إليها، ويصير في المعاد إليها (هَاوِيَةٌ) وهي اسم من أسماء النار.

قال ابن جرير: وإنما قيل: للهاوية أمه؛ لأنه لا مأوى له غيرها (٤).


(١) في أ: "منتشر".
(٢) في م: "وهو".
(٣) في م: "على رءوسهم".
(٤) تفسير الطبري (٣٠/ ١٨٣).