للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال ابن زيد: الهاوية: النار، هي أمه ومأواه التي يرجع إليها ويأوي إليها، وقرأ: ﴿وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ﴾ [آل عمران: ١٥١].

قال ابن أبي حاتم: وروي عن قتادة أنه قال: هي النار، وهي مأواهم. ولهذا قال تعالى مفسرا للهاوية: (وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ نَارٌ حَامِيَةٌ)

قال ابن جرير: حدثنا ابن عبد الأعلى: حدثنا ابن ثور، عن مَعْمَر، عن الأشعث بن عبد الله الأعمى قال: إذا مات المؤمن ذهب بروحه إلى أرواح المؤمنين، فيقولون: رَوِّحُوا أخاكم، فإنه كان في غَمّ الدنيا. قال: ويسألونه: وما فعل فلان (١)؟ فيقول: مات، أو ما جاءكم؟ فيقولون: ذهب به إلى أمه الهاوية (٢)

وقد رواه ابن مَرْدَويّه من طريق أنس بن مالك مرفوعًا، بأبسط من هذا. وقد أوردناه في كتاب صفة النار، أجارنا (٣) الله منها بمنه وكرمه (٤).

وقوله: (نَارٌ حَامِيَةٌ) أي: حارة شديدة الحر، قوية اللهيب والسعير.

قال أبو مصعب، عن مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة: أن النبي قال: "نار بني آدم التي تُوقدون جزء من سبعين جزء من نار جهنم". قالوا: يا رسول الله، إن كانت لكافية. فقال: "إنها فُضِّلَت عليها بتسعة وستين جُزءًا" (٥).

ورواه البخاري، عن إسماعيل بن أبي أويس، عن مالك. ورواه مسلم عن قُتيبة، عن المغيرة بن عبد الرحمن، عن أبي الزِّناد، به (٦) وفي بعض ألفاظه: "أنها فُضلت عليها بتسعة وستين جزءا، كلهن مثل حرّها".

وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرحمن، حدثنا حماد -وهو ابن سلمة-عن محمد بن زياد-سمع (٧) أبا هريرة يقول: سمعت أبا القاسم يقول: " نار بني آدم التي توقدون، جزء من سبعين جزءا من نار جهنم". فقال رجل: إن كانت لكافية. فقال: "لقد فضلت عليها بتسعة وستين جزءًا حَرًّا فحرا" (٨).

تفرد به أحمد من هذا الوجه، وهو على شرط مسلم.


(١) في م، أ: "بفلان".
(٢) تفسير الطبري (٣٠/ ١٨٢).
(٣) في أ: "أعاذنا".
(٤) قال السيوطي في الدر المنثور (٨/ ٦٠٦): "وأخرج ابن مردويه عن أنس بن مالك، ، قال: قال رسول الله : "إذا مات المؤمن تلقته أرواح المؤمنين يسألونه: ما فعل فلان؟ ما فعلت فلانة؟ فإن كان مات ولم يأتهم قالوا: خولف به إلى أمه الهاوية بئست الأم وبئست المربية حتى يقولوا: ما فعل فلان هل تزوج؟ ما فعلت فلانة هل تزوجت؟ فيقولون: دعوه فيستريح فقد خرج من كرب الدنيا".
(٥) الموطأ برواية الزهري برقم (٢٠٩٨) وهو في رواية يحيى (٢/ ٩٩٤).
(٦) صحيح البخاري برقم (٣٢٦٥) وصحيح مسلم برقم (٢٨٤٣).
(٧) في م، أ: "سمعت".
(٨) المسند (٢/ ٤٦٧).