للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أي: خاف القيام بين يدي الله ﷿، وخاف حُكْمَ الله فيه، ونهى نفسه عن هواها، ورَدها إلى طاعة مولاها (فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى) أي: منقلبه ومصيره ومرجعه إلى الجنة الفيحاء.

ثم قال تعالى: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا * فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا) أي: ليس علمها إليك ولا إلى أحد من الخلق، بل مَردها ومَرجعها إلى الله ﷿، فهو الذي يعلم وقتها على التعيين، ﴿ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلا بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ﴾ [الأعراف: ١٨٧]، وقال هاهنا: (إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا) ولهذا (١) لما سأل جبريلُ رسولَ الله عن وقت الساعة قال: "ما المسئول عنها بأعلم من السائل". (٢).

وقوله (إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا) أي: إنما بعثتك لتنذر الناس وتحذرهم من بأس الله وعذابه (٣)، فمن خشي الله وخاف مقامه (٤) ووعيده، اتبعك فأفلح وأنجح، والخيبة والخسار على من كذبك وخالفك.

وقوله: (كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا) أي: إذا قاموا من قبورهم إلى المحشر يستقصرون مُدّة الحياة الدنيا، حتى كأنها عندهم كانت عشية من يوم أو ضُحى من يوم.

قال جُويْبر، عن الضحاك، عن ابن عباس: (كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا) أما عَشِيَّة: فما بين الظهر إلى غروب الشمس، (أَوْ ضُحَاهَا) ما بين طلوع الشمس إلى نصف النهار.

وقال قتادة: وقت الدنيا في أعين القوم حين عاينوا الآخرة.

[آخر تفسير سورة "النازعات"] (٥) [ولله الحمد والمنة] (٦)


(١) في م: "وهذا".
(٢) هذا جزء من حديث جبريل الطويل وهو في صحيح مسلم برقم (٨).
(٣) في م: "وعقابه".
(٤) في م: "وخاف عقابه"
(٥) زيادة من م، أ.
(٦) زيادة من م.