للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يعني ابن أم مكتوم (١).

وقال أبو يعلى وابن جرير: حدثنا سعيد بن يحيى الأموي، حدثني أبي، عن هشام بن عروة مما عرضه عليه عن عُرْوَة، عن عائشة قالت: أنزلت: (عَبَسَ وَتَوَلَّى) في ابن أم مكتوم الأعمى، أتى إلى رسول الله فجعل يقول: أرشدني. قالت: وعند رسول الله من عظماء المشركين. قالت: فجعل النبي يُعرض عنه ويقبل على الآخر، ويقول: "أترى بما أقول بأسا؟ ". فيقول: لا. ففي هذا أنزلت: (عَبَسَ وَتَوَلَّى) (٢).

وقد روى الترمذي هذا الحديث، عن سعيد بن يحيى الأموي، بإسناده، مثله، ثم قال: وقد رواه بعضهم عن هشام بن عروة، عن أبيه قال: أنزلَت (عَبَسَ وَتَوَلَّى) في ابن أم مكتوم، ولم يذكر فيه عن عائشة (٣).

قلت: كذلك هو في الموطأ (٤).

ثم روى ابن جرير وابن أبي حاتم أيضا من طريق العوفي، عن ابن عباس قوله: (عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَنْ جَاءَهُ الأعْمَى) قال: بينا رسولُ الله يناجي عتبةَ بن ربيعة، وأبا جهل بنَ هشام، والعباس بن عبد المطلب-وكان يتصدى لهم كثيرا، ويحرص (٥) عليهم أن يؤمنوا-فأقبل إليه رجل أعمى-يقال له عبد الله بن أم مكتوم-يمشي وهو يناجيهم، فجعل عبد الله يستقرئ النبي آية من القرآن، وقال: يا رسول الله، علمنى مما علمك الله. فأعرض عنه رسول الله ، وعبس في وجهه، وتولى وكَرهَ كَلامَه، وأقبل على الآخرين، فلما قضى رسولُ الله نجواه، وأخذ ينقلب إلى أهله، أمسك الله بعض بصره، ثم خَفَق برأسه، ثم أنزل الله: (عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَنْ جَاءَهُ الأعْمَى * وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى * أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى) فلما نزل فيه ما نزل، أكرمه رسول الله وكلمه وقال له النبي : "ما حاجتك؟ هل تريد من شيء؟ " وإذا ذهب من عنده قال: "هل لك حاجة في شيء؟ ". وذلك لما أنزل الله تعالى: (أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى * فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى * وَمَا عَلَيْكَ أَلا يَزَّكَّى) (٦).

فيه غرابة ونكارة، وقد تُكُلّم في إسناده.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن منصور الرّمادي، حدثنا عبد الله بن صالح، حدثنا الليث، حدثنا يونس، عن ابن شهاب قال: قال سالم بن عبد الله، عن عبد الله بن عمر:


(١) مسند أبي يعلى (٥/ ٤٣١)، وتفسير عبد الرزاق (٢/ ٢٨٢).
(٢) مسند أبي يعلى (٨/ ٢٦١)، وتفسير الطبري (٣٠/ ٣٢).
(٣) سنن الترمذي برقم (٣٣٢٨).
(٤) الموطأ (١/ ٢٠٣)
(٥) في أ: "ويجعل".
(٦) تفسير الطبري (٣٠/ ٣٢)، ووجه غرابته ما نقله السهيلي في الروض الأنف عن شيخه ابن العربي قال: "قول المفسرين في الذي شغل النبي أنه الوليد بن المغيرة، وأمية بن خلف، والعباس كله باطل، فإن أمية والوليد كانا بمكة، وابن أم مكتوم كان بالمدينة ما حضر معهما، ولا حضرا معه وماتا كافرين، أحدهما قبل الهجرة والآخر في بدر، ولم يقصد أمية المدينة قط، ولا حضر عنده مفردا ولا مع آخر" انتهى.