للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجبة من خلفي، حتى ظننت أن فرسي تطلق، فقال رسول الله : "اقرأ أبا عتيك" [مرتين] (١) قال: فالتفت إلى أمثال المصابيح ملء بين السماء والأرض، فقال رسول الله : "اقرأ أبا عتيك". فقال: والله ما استطعت أن أمضي فقال: "تلك الملائكة نزلت لقراءة القرآن، أما إنك لو مضيت لرأيت الأعاجيب" (٢).

وقال أبو داود الطيالسي: حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق سمع البراء يقول: بينما رجل يقرأ سورة الكهف ليلة إذ رأى دابته تركض، أو قال: فرسه يركض، فنظر فإذا مثل الضبابة أو مثل الغمامة، فذكر ذلك لرسول الله فقال: " تلك السكينة نزلت للقرآن، أو تنزلت على القرآن " (٣). وقد أخرجه صاحبا الصحيح من حديث شعبة (٤). والظاهر أن هذا هو أسيد بن الحضير، ، فهذا ما يتعلق بصناعة الإسناد، وهذا من أغرب تعليقات البخاري، ، ثم سياق ظاهر فيما ترجم عليه من نزول السكينة والملائكة عند القراءة.

وقد اتفق نحو هذا الذي وقع لأسيد بن الحضير لثابت بن قيس بن شماس كما قال أبو عبيد:

حدثنا عباد بن عباد عن جرير بن حازم، عن عمه جرير بن زيد (٥) أن أشياخ أهل المدينة حدثوه: أن رسول الله قيل له: ألم تر ثابت بن قيس بن شماس لم تزل داره البارحة تزهر مصابيح؟ قال: "فلعله قرأ سورة البقرة". قال: فسئل ثابت فقال: قرأت سورة البقرة (٦).

وفي الحديث المشهور الصحيح: " ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله، يتلون كتاب الله، ويتدارسونه فيما بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحَفَّتْهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده " رواه مسلم عن أبي هريرة (٧).

ولهذا قال الله : وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا [الإسراء: ٧٨]، وجاء في بعض التفاسير: أن الملائكة تشهده. وقد جاء في الصحيحين عن أبي هريرة، ، قال: " قال رسول الله : " يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الصبح وصلاة العصر، فيعرج إليه الذين باتوا فيكم فيسألهم وهو أعلم بهم: كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: أتيناهم وهم يصلون، وتركناهم وهم يصلون " (٨).


(١) زيادة من ط.
(٢) فضائل القرآن (ص ٢٢٧).
(٣) مسند الطيالسي برقم (٧١٤).
(٤) صحيح البخاري برقم (٣٦١٤) وصحيح مسلم برقم (٧٩٥).
(٥) في ط، م: "يزيد".
(٦) فضائل القرآن (ص ٢٧).
(٧) صحيح مسلم برقم (٢٦٩٩).
(٨) صحيح البخاري برقم (٥٥٥) وصحيح مسلم برقم (٦٣٢).