للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

خاصم الزبير رجلا إلى النبي فقضى للزبير، فقال الرجل: إنما قضى له لأنه ابن عمته. فنزلت: (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ) الآية (١).

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا عمرو بن عثمان، حدثنا أبو حيوة، حدثنا سعيد بن عبد العزيز، عن الزُّهري، عن سعيد بن المسيب في قوله: (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ [حَتَّى يُحَكِّمُوكَ]) (٢) [الآية] (٣) قال: نزلت في الزبير بن العوام، وحاطب بن أبي بلتعة. اختصما في ماء، فقضى النبي أن يسقي الأعلى ثم الأسفل. هذا مرسل ولكن فيه فائدة تسمية الأنصاري (٤).

ذكر سبب آخر غريب جدا:

قال ابن أبي حاتم: حدثنا يونس بن عبد الأعلى قراءة، أخبرنا ابن وهب، أخبرني عبد الله بن لَهِيعة، عن أبي الأسود قال: اختصم رجلان إلى رسول الله فقضى بينهما، فقال الذي قضى عليه: ردنا إلى عمر بن الخطاب فقال رسول الله : "انطلقا (٥) إليه" فلما أتيا إليه قال الرجل: يا ابن الخطاب، قضى لي رسول الله على هذا، فقال: ردنا إلى عمر. فردنا إليك. فقال: أكذاك؟ فقال: نعم فقال عمر: مَكَانَكُمَا حتى أخرج إليكما فأقضي بينكما. فخرج إليهما مشتملا على سيفه، فضرب الذي قال رُدَّنا إلى عمر فقتله، وأدبر الآخر فارا إلى رسول الله فقال: يا رسول الله قتل عُمَر والله صاحبي، ولولا أني أعجزتُه لقتلني، فقال رسول الله : "ما كنت أظن أن يجترئ عُمَر على قتل مؤمن" فأنزل الله: (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ) (٦) الآية، فهدر دم ذلك الرجل، وبرئ عمر من قتله، فكره الله أن يسن ذلك بعد، فقال: ﴿وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا﴾ [النساء: ٦٦].

وكذا رواه ابن مَرْدُويه من طريق ابن لَهِيعة، عن أبي الأسود به.

وهو أثر غريب، وهو مرسل، وابن لهيعة ضعيف (٧) والله أعلم.

طريق أخرى: قال الحافظ أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الرحمن بن إبراهيم بن دُحَيْم في تفسيره: حدثنا شُعَيب بن شعيب حدثنا أبو المغيرة، حدثنا عتبة بن ضَمْرَة، حدثني أبي: أن رجلين اختصما إلى النبي فقضى للمحق على المبطل، فقال المقضيّ عليه: لا أرضى. فقال صاحبه: فما تريد؟ قال: أن نذهب إلى أبي بكر الصديق، فذهبا إليه، فقال الذي قُضي له: قد اختصمنا إلى النبي فقضى لي (٨) فقال أبو بكر: فأنتما على ما قضى به النبي فأبى صاحبه أن يرضى، قال: نأتي


(١) ورواه الحميدي في مسنده برقم (٣٠٠)، وسعيد بن منصور في سننه برقم (٦٦٠) من طريق سفيان بن عيينة به مرسلا.
(٢) زيادة من أ.
(٣) زيادة من ر، أ.
(٤) ذكره السيوطي في الدر (٢/ ٥٨٤).
(٥) في ر، أ: "نعم انطلقا".
(٦) في ر، أجاءت الآية تامة.
(٧) ذكره السيوطي في الدر (٢/ ٥٨٥).
(٨) في أ: "عليه".