للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بن ثابت، عن عمه عامر بن عبد الله بن الزبير، قال: لما نزلت [(وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) قال أبو بكر: يا رسول الله، والله لو أمرتني أن أقتل نفسي لفعلت، قال: "صدقت يا أبا بكر".

حدثنا أبي، حدثنا محمد بن أبي عمر العَدَنيّ قال: سئل سفيان عن قوله] (١) (وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلا قَلِيلٌ مِنْهُمْ) قال: قال رسول الله : "لو نزلت لكان ابن أم عبد منهم".

وحدثنا أبي، حدثنا أبو اليمان، حدثنا إسماعيل بن عياش، عن صفوان بن عمرو، عن شُرَيْح بن عُبَيْد قال: لما تلا رسول الله هذه الآية: (وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ [أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلا قَلِيلٌ مِنْهُمْ] (٢)) الآية، أشار رسول الله بيده إلى عبد الله بن رَواحة، فقال: "لو أن الله كتب ذلك لكان هذا من أولئك القليل" يعني: ابن رواحة.

ولهذا قال تعالى: (وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ) أي: ولو أنهم فعلوا ما يؤمرون به، وتركوا ما ينهون عنه (لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ) أي: من مخالفة الأمر وارتكاب النهي (وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا) قال السدي: أي: وأشد تصديقا.

(وَإِذًا لآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا) أي: من عندنا، (أَجْرًا عَظِيمًا) يعني: الجنة. (وَلَهَدَيناهُمْ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا) أي في الدنيا والآخرة.

ثم قال تعالى: (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا) أي: من عمل بما أمره الله ورسوله، وترك ما نهاه الله عنه ورسوله، فإن الله ﷿ يسكنه دار كرامته، ويجعله مرافقًا للأنبياء ثم لمن بعدهم في الرتبة، وهم الصديقون، ثم الشهداء، ثم عموم المؤمنين وهم الصالحون الذين صلحت سرائرهم وعلانيتهم.

ثم أثنى عليهم تعالى فقال: (وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا)

وقال البخاري: حدثنا محمد بن عبد الله بن حَوْشَب، حدثنا إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن عُرْوَة، عن عائشة قالت: سمعت رسول الله يقول: "ما من نبي يَمْرَضُ إلا خُيِّر بين الدنيا والآخرة" وكان في شكواه التي قبض فيه، فأخذته بُحَّة شديدة فسمعته يقول: (مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ) فعلمت أنه خُيِّر.

وكذا رواه مسلم من حديث شعبة، عن سعد (٣) بن إبراهيم به (٤).

وهذا معنى قوله في الحديث الآخر: "اللهم في الرفيق الأعلى" ثلاثا ثم قضى، عليه أفضل الصلاة والتسليم (٥).

ذكر سبب نزول هذه الآية الكريمة:

قال ابن جرير: حدثنا ابن حميد، حدثنا يعقوب القُمي، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جُبير قال: جاء رجل من الأنصار إلى النبي وهو محزون، فقال له النبي : "يا فلان، ما لي


(١) زيادة من أ.
(٢) زيادة من أ.
(٣) في أ: "سعيد".
(٤) صحيح البخاري برقم (٤٤٣٥) وصحيح مسلم برقم (٢٤٤٤).
(٥) رواه البخاري برقم (٤٤٣٦) من حديث عائشة .