للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

كأنه ليس من أهل دينكم (يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا) أي: بأن يضرب لي بسهم معهم فأحصل عليه. وهو أكبر قصده وغاية مراده.

ثم قال تعالى: (فَلْيُقَاتِلْ) أي: المؤمن النافر (فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ) أي: يبيعون دينهم بعَرَض قليل من الدنيا، وما ذلك (١) إلا لكفرهم وعدم إيمانهم.

ثم قال تعالى: (وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا) أي: كل من قاتل في سبيل الله -سواء قتل أو غَلَب وسَلَب-فله عند الله مثوبة عظيمة وأجر جزيل، كما ثبت في الصحيحين (٢) وتكفل الله للمجاهد في سبيله، إن (٣) توفاه أن يدخله الجنة، أو يرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه نائلا ما نال من أجر أو غنيمة.

﴿وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا (٧٥) الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا (٧٦)

يحرض تعالى عباده المؤمنين على الجهاد في سبيله وعلى السعي في استنقاذ المستضعفين بمكة (٤) من الرجال والنساء والصبيان المتبرمين بالمقام بها؛ ولهذا قال تعالى: (الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ) يعني: مكة، كقوله تعالى: ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ﴾ [محمد: ١٣].

ثم وصفها بقوله: (الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا) أي: سخر لنا من عندك وليا وناصرا.

قال البخاري: حدثنا عبد الله بن محمد، حدثنا سفيان، عن عبيد الله (٥) قال: سمعت ابن عباس قال: كنت أنا وأمي من المستضعفين.

حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن ابن [أبي] (٦) مُلَيْكَة أن ابن عباس تلا ﴿إِلا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ﴾ قال: كنت أنا وأمي ممن عَذَرَ الله ﷿ (٧).

ثم قال تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ) أي: المؤمنون يقاتلون في طاعة الله ورضوانه، والكافرون يقاتلون في طاعة الشيطان.


(١) في د، ر: "وذاك".
(٢) رواه البخاري في صحيحه برقم (٧٤٦٣، ٧٤٥٧) ومسلم في صحيحه برقم (١٨٧٦) من حديث أبي هريرة .
(٣) في د، ر، أ: "بأن".
(٤) في أ: "في مكة".
(٥) في د: "عبد الله".
(٦) زيادة من د، ر، أ.
(٧) صحيح البخاري برقم (٤٥٨٧، ٤٥٨٨)،