للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : "من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله ومن أطاع الأمير فقد أطاعني، ومن عصى الأمير فقد عصاني".

وهذا الحديث ثابت في الصحيحين، عن الأعمش به (١)

وقوله: (وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا) (٢) أي: لا عليك منه، إن عليك إلا البلاغ فمن تَبِعك سَعِد ونجا، وكان لك من الأجر نظير ما حصل له، ومن تولى عنك خاب وخسر، وليس عليك من أمره شيء، كما جاء في الحديث: "من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فإنه لا يضر إلا نفسه" (٣).

وقوله: (وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ) يخبر تعالى عن المنافقين بأنهم يظهرون الموافقة والطاعة (فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ) أي: خرجوا وتواروا عنك (بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ) أي: استسروا ليلا فيما بينهم بغير ما أظهروه. فقال تعالى: (وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ) أي: يعلمه ويكتبه عليهم بما يأمر به حفظته الكاتبين، الذين هم موكلون بالعباد. يعلمون ما يفعلون. والمعنى في هذا التهديد، أنه تعالى أخبر بأنه عالم بما يضمرونه ويسرونه فيما بينهم، وما يتفقون عليه ليلا من مخالفة الرسول وعصيانه، وإن كانوا قد أظهروا له الطاعة والموافقة، وسيجزيهم على ذلك. كما قال تعالى: ﴿وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا [ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ] (٤)[النور: ٤٧].

وقوله: (فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ) أي: اصفح عنهم واحلم عليهم (٥) ولا تؤاخذهم، ولا تكشف أمورهم للناس، ولا تَخَفْ منهم أيضا (وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلا) أي: كفى به (٦) وليًّا وناصرًا ومعينا لمن توكل عليه وأناب إليه.

﴿أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا (٨٢) وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلا قَلِيلا (٨٣)

يقول تعالى آمرًا عباده بتدبر القرآن، وناهيا لهم عن الإعراض عنه، وعن تفهم معانيه المحكمة وألفاظه البليغة، ومخبرًا لهم أنه لا اختلاف فيه ولا اضطراب، ولا تضادّ ولا تعارض؛ لأنه تنزيل من حكيم حميد، فهو حق من حق؛ ولهذا قال تعالى: ﴿أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ [أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا](٧) [محمد: ٢٤] ثم قال: (وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ) أي: لو كان مفتعلا مختلقا، كما يقوله من يقوله من جهلة المشركين والمنافقين في بواطنهم (لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا) أي: اضطرابا وتضادًّا كثيرًا. أي: وهذا سالم من الاختلاف، فهو من عند الله. كما قال تعالى مخبرا عن الراسخين في العلم


(١) رواه البخاري برقم (٧١٣٧) ومسلم برقم (١٨٣٥) من طريق يونس بن يزيد عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة به.
(٢) في ر: "فمن".
(٣) رواه مسلم في صحيحه برقم (٨٧) من حديث عدي بن حاتم .
(٤) زيادة من ر، أ، وفي هـ: "الآية".
(٥) في ر: "عنهم".
(٦) في أ: "بالله".
(٧) زيادة من ر، أ.