للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبو عبيد في كتاب (١) فضائل القرآن حيث قال:

حدثنا نعيم بن حماد، عن بقية بن الوليد، عن معاوية بن يحيى، عن سليم بن مسلم، عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن بعض أصحاب النبي قال: قال النبي : "فضل قراءة القرآن نظرا على من يقرأه ظهرا، كفضل الفريضة على النافلة" (٢) وهذا الإسناد ضعيف (٣) فإن معاوية بن يحيى هو الصدفي أو الأطرابلسي، وأيهما كان فهو ضعيف.

وقال الثوري عن عاصم، عن زر، عن ابن مسعود قال: أديموا النظر في المصحف (٤).

وقال حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن يوسف بن ماهك، عن ابن عباس، عن عمر: أنه كان إذا دخل بيته نشر المصحف فقرأ فيه (٥).

وقال حماد أيضا: عن ثابت، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن ابن مسعود: أنه كان إذا اجتمع إليه إخوانه نشروا المصحف، فقرؤوا، وفسر لهم (٦). إسناد صحيح.

وقال حماد بن سلمة: عن حجاج بن أرطاة، عن ثوير بن أبي فاختة، عن ابن عمر قال: إذا رجع أحدكم من سوقه فلينشر المصحف وليقرأ (٧). وقال الأعمش عن خَيْثَمة: دخلت على ابن عمر وهو يقرأ في المصحف فقال: هذا جزئي الذي أقرأ به الليلة (٨).

فهذه الآثار تدل على أن هذا أمر مطلوب لئلا يعطل المصحف فلا يقرأ منه، ولعله قد يقع لبعض الحفظة نسيان فيتذكر منه، أو تحريف كلمة أو آية أو تقديم أو تأخير، فالاستثبات أولى، والرجوع إلى المصحف أثبت من أفواه الرجال، فأما تلقين القرآن فمن فم الملقن أحسن؛ لأن الكتابة لا تدل على كمال الأداء، كما أن المشاهد من كثير ممن يحفظ من الكتابة فقط يكثر تصحيفه وغلطه، وإذا أدى الحال إلى هذا منع منه إذا وجد شيخا يوقفه على لفظ (٩) القرآن، فأما عند العجز عمن يلقن فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها، فيجوز عند الضرورة ما لا يجوز عند الرفاهية، فإذا قرأ في المصحف -والحالة هذه-فلا حرج عليه، ولو فرض أنه قد يحرف بعض الكلمات عن لفظها على لغته ولفظه، فقد قال الإمام أبو عبيد:

حدثني هشام بن إسماعيل الدمشقي، عن محمد بن شعيب، عن الأوزاعي؛ أن رجلا صحبهم في سفر قال: فحدثنا حديثا ما أعلمه إلا رفعه إلى رسول الله قال: " إن العبد إذا قرأ فحرف أو أخطأ كتبه الملك كما أنزل " (١٠).


(١) في ط: "كتابه".
(٢) فضائل القرآن (ص ٤٦).
(٣) في ط: "وهذا الإسناد فيه ضعف".
(٤) فضائل القرآن (ص ٤٦) وقال ابن حجر: "إسناده صحيح".
(٥) فضائل القرآن (ص ٤٦).
(٦) فضائل القرآن (ص ٤٧).
(٧) فضائل القرآن (ص ٤٦).
(٨) فضائل القرآن (ص ٤٧).
(٩) في طـ: "ألفاظ".
(١٠) فضائل القرآن (ص ٤٧).