للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَرَاكَ مَحْزُونًا؟ " قَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ (١) شَيْءٌ فَكَّرْتُ فِيهِ؟ قَالَ: "مَا هُوَ؟ " قَالَ: نَحْنُ نَغْدُو عَلَيْكَ وَنَرُوحُ، نَنْظُرُ إِلَى وَجْهِكَ وَنُجَالِسُكَ، وَغَدًا تُرْفَعُ مَعَ النَّبِيِّينَ فَلَا نَصِلُ إِلَيْكَ. فَلَمْ يَرُدَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ شَيْئًا، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ بِهَذِهِ الْآيَةِ: {وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَم اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ [وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا] (٢) } فَبَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَشَّرَهُ.

قَدْ رُوِيَ هَذَا الْأَثَرُ مُرْسَلًا عَنْ مَسْرُوقٍ، وَعِكْرِمَةَ، وَعَامِرٍ الشَّعْبي، وَقَتَادَةَ، وَعَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، وَهُوَ مِنْ أَحْسَنِهَا (٣) سَنَدًا. (٤)

قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ، قَوْلُهُ: {وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ [فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَم اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ] (٥) } الْآيَةَ، قَالَ: إِنَّ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا: قَدْ عَلِمْنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ فَضْلٌ عَلَى مَنْ آمَنَ بِهِ فِي دَرَجَاتِ الْجَنَّةِ مِمَّنِ اتَّبَعَهُ وَصَدَّقَهُ، وَكَيْفَ لَهُمْ إِذَا اجْتَمَعُوا فِي الْجَنَّةِ أَنْ يَرَى بَعْضُهُمْ بَعْضًا؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي ذَلِكَ -يَعْنِي هَذِهِ الْآيَةَ-فَقَالَ: يَعْنِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنِ الأعْلَيْنَ يَنْحَدِرُونَ إِلَى مَنْ هُوَ أَسْفَلُ مِنْهُمْ، فَيَجْتَمِعُونَ فِي رِيَاضِهَا، فَيَذْكُرُونَ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَيُثْنُونَ عَلَيْهِ، وَيَنْزِلُ لَهُمْ أَهْلُ الدَّرَجَاتِ فَيَسْعَوْنَ عَلَيْهِمْ بِمَا يشتهُون وَمَا يَدْعُونَ بِهِ، فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ وَيَتَنَعَّمُونَ (٦) فِيهِ" (٧) .

وَقَدْ رُوِيَ مَرْفُوعًا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ مَرْدَوَيْهِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أُسَيْدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِمْرَانَ، حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم فقال: يا رَسُولَ اللَّهِ: إِنَّكَ لَأَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي وَأَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَهْلِي، وَأَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ وَلَدِي، وَإِنِّي لَأَكُونُ فِي الْبَيْتِ فَأَذْكُرُكَ فَمَا أَصْبِرُ حَتَّى آتِيَكَ فَأَنْظُرَ إِلَيْكَ، وَإِذَا ذَكَرْتُ مَوْتِي وَمَوْتَكَ عَرَفْتُ أَنَّكَ إِذَا دَخَلْتَ الْجَنَّةَ رُفِعْتَ مَعَ النَّبِيِّينَ، وَإِنْ دَخَلْتُ الْجَنَّةَ خَشِيتُ أَلَّا أَرَاكَ. فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى نَزَلَتْ عَلَيْهِ: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا}

وَهَكَذَا رَوَاهُ الْحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَقْدِسِيُّ فِي كِتَابِهِ: "صِفَةُ الْجَنَّةِ"، مِنْ طَرِيقِ الطَّبَرَانِيِّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَمْرِو بْنِ مُسْلِمٍ الْخَلَّالِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِمْرَانَ الْعَابِدِيِّ، بِهِ. ثُمَّ قَالَ: لَا أَرَى بإسناده بأسا (٨) والله أعلم.


(١) في ر: "يا رسول الله".
(٢) زيادة من ر، أ، وفي هـ: "الآية".
(٣) في ر: "شيئا"، وفي أ: "سياق".
(٤) تفسير الطبري (٨/٥٣٤، ٥٣٥) .
(٥) زيادة من أ.
(٦) في د: "يتمتعون".
(٧) تفسير الطبري (٨/٥٣٥) وهذا مرسل، وانظر المقدمة في النسخ التفسيرية، ففيها الكلام على نسخة أبي جعفر الرازي.
(٨) ورواه الطبراني في الأوسط برقم (٣٣٠٨) "مجمع البحرين" ومن طريق أبو نعيم في الحلية (٨/١٢٥) من طريق أحمد بن عمرو الخلال عن عبد الله بن عمران عن فضيل عن منصور به.
وقال الطبراني: "غريب من حديث فضيل ومنصور تفرد به العابدي".
قال الهيثمي في المجمع (٧/٧) : "رجاله رجال الصحيح غير عبد الله بن عمران وهو ثقة".

<<  <  ج: ص:  >  >>