للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُدْلِيهِ فِي حُفْرَتِهِ بِيَدَيْهِ.

فِيهِ غَرَابَةٌ وَنَكَارَةٌ، وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ (١) .

وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ} أَيْ: مِنْ عِنْدِ اللَّهِ بِرَحْمَتِهِ، هُوَ الَّذِي أَهَّلَهُمْ لِذَلِكَ، لَا بِأَعْمَالِهِمْ. {وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا} أَيْ: هُوَ عَلِيمٌ بِمَنْ يَسْتَحِقُّ الْهِدَايَةَ وَالتَّوْفِيقَ.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا (٧١) وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيدًا (٧٢) وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا (٧٣) فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (٧٤) }

يَأْمُرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ بِأَخْذِ الْحَذَرِ مِنْ عَدُوِّهِمْ، وَهَذَا يَسْتَلْزِمُ التَّأَهُّبَ لَهُمْ بِإِعْدَادِ الْأَسْلِحَةِ وَالْعُدَدِ وَتَكْثِيرِ الْعَدَدِ بِالنَّفِيرِ فِي سَبِيلِهِ.

{ثُبَاتٍ} أَيْ: جَمَاعَةً بَعْدَ جَمَاعَةٍ، وَفِرْقَةً بَعْدَ فِرْقَةٍ، وَسَرِيَّةً بَعْدَ سَرِيَّةٍ، وَالثُّبَاتُ: جَمْعُ ثُبَة، وَقَدْ تُجْمَعُ الثُّبَةُ عَلَى ثُبين.

قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلُهُ: {فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ} أَيْ: عُصبا يَعْنِي: سَرَايَا مُتَفَرِّقِينَ {أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا} يَعْنِي: كُلَّكُمْ.

وَكَذَا رُوي عَنْ مُجَاهِدٍ، وَعِكْرِمَةَ، وَالسُّدِّيِّ، وَقَتَادَةَ، وَالضَّحَّاكِ، وَعَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، ومُقاتل بْنِ حَيَّان، وخُصَيف الجَزَري.

وَقَوْلُهُ: {وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ} قَالَ مُجَاهِدٌ وَغَيْرُ وَاحِدٍ: نَزَلَتْ فِي الْمُنَافِقِينَ، وَقَالَ مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ: {لَيُبَطِّئَنَّ} أَيْ: لَيَتَخَلَّفَنَّ عَنِ الْجِهَادِ.

وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَتَبَاطَأُ هُوَ فِي نَفْسِهِ، وَيُبَّطِئُ غَيْرَهُ عَنِ الْجِهَادِ، كَمَا كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيِّ بْنِ سَلُولٍ -قَبَّحَهُ اللَّهُ-يَفْعَلُ، يَتَأَخَّرُ عَنِ الْجِهَادِ، ويُثَبّط النَّاسَ عَنِ الْخُرُوجِ فِيهِ. وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ جُرَيْج وَابْنِ جَرِيرٍ؛ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى إِخْبَارًا عَنِ الْمُنَافِقِ أَنَّهُ يَقُولُ إِذَا تَأَخَّرَ عَنِ الْجِهَادِ: {فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ} أَيْ: قَتْلٌ وَشَهَادَةٌ وَغَلَبُ الْعَدُوِّ لَكُمْ، لِمَا لِلَّهِ فِي ذَلِكَ مِنَ الْحِكْمَةِ {قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيدًا} أَيْ: إِذْ لَمْ أَحْضُرْ مَعَهُمْ وَقْعَةَ الْقِتَالِ، يَعُدُّ ذَلِكَ مِنْ نِعَمِ اللَّهِ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَدْرِ مَا فَاتَهُ مِنَ الْأَجْرِ فِي الصَّبْرِ أَوِ الشَّهَادَةِ إِنْ قُتِلَ.

{وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ} أَيْ: نَصْرٌ وَظَفَرٌ وَغَنِيمَةٌ {لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَه مَوَدَّةٌ} (٢) أي:


(١) المعجم الكبير (١٢/٤٣٦) ، ووجه ضعفه أن فيه أيوب بن عتبة وهو ضعيف.
(٢) في ر: قال".

<<  <  ج: ص:  >  >>