للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

له: الكليم. وقد قال الحافظ أبو بكر بن مَرْدويه: حدثنا أحمد بن محمد بن سليمان المالكي، حدثنا مَسيحُ بن حاتم، حدثنا عبد الجبار (١) بن عبد الله قال: جاء رجل إلى أبي بكر بن عيَّاش فقال: سمعت رجلا يقرأ: "وكلم الله موسى تكليما" فقال أبو بكر: ما قرأ هذا إلا كافر، قرأتُ على الأعمش، وقرأ الأعمش على [يحيى] (٢) بن وثاب، وقرأ يحيى بن وثَّاب على أبي عبد الرحمن السَّلْمِيّ، وقرأ أبو عبد الرحمن، عَلَى عَلِيِّ بن أبي طالب، وقرأ علي بن أبي طالب على رسول الله : (وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا) (٣).

وإنما اشتد غضب أبي بكر بن عياش، ، على مَن قرأ كذلك؛ لأنه حَرّف لفظ القرآن ومعناه، وكان هذا من المعتزلة الذين ينكرون أن [يكون] (٤) الله كلَّم موسى، ، أو يكلم أحدًا من خلقه، كما رويناه (٥) عن بعض المعتزلة أنه قرأ على بعض المشايخ: "وكلم الله موسى تكليما" فقال له: يا ابن اللَّخْنَاء، فكيف تصنع بقوله تعالى: ﴿وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ﴾ [الأعراف: ١٤٣]، يعني: أن هذا لا يحتمل التحريف ولا التأويل.

وقال ابن مَرْدُوَيه: حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم، حدثنا أحمد بن الحسين بن بَهْرَام، حدثنا محمد بن مرزوق، حدثنا هانئ بن يحيى، عن الحسن بن أبي جعفر، عن قتادة عن يحيى بن وَثَّاب، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : "لَما كلم الله موسى كان يُبْصِرُ دبيبَ النمل على الصفا في الليلة الظلماء". وهذا حديث غريب، وإسناده لا يصح، وإذا صح موقوفًا كان جيدًا (٦).

وقد روى الحاكم في مستدركه وابن مردويه، من حديث حميد بن قيس الأعرج، عن عبد الله بن الحارث، عن ابن مسعود قال: قال رسول الله : "كان على موسى يوم كلمه ربُّه جبة صوف، وكساء صوف، وسراويل صوف، ونعلان من جلد حمار غير ذكي" (٧).

وقال ابن مردويه بإسناده عن جُوَيْبر، عن الضَّحاك عن ابن عباس قال: إن الله ناجَى موسى بمائة ألف كلمة وأربعين ألف كلمة، في ثلاثة أيام، وصايا كلها، فلما سمع موسى كلام الآدميين مَقتهم مما وقع في مسامعه من كلام الرب، ﷿.

وهذا أيضًا إسناد ضعيف، فإن جُوَيْبِرًا ضعيف، والضَّحاك لم يدرك ابنَ عباس، . فأما الأثر الذي رواه ابن أبي حاتم وابن مَرْدُويه وغيرهما من طريق الفضل بن عيسى الرَّقَاشي، عن محمد بن المُنْكَدِر، عن جابر بن عبد الله قال: لما كلم الله موسى يوم الطورِ، كلَّمه بغير الكلام الذي


(١) في د: "عبد الجليل".
(٢) زيادة من أ.
(٣) ورواه الطبراني في الأوسط برقم (٣٣٢٥) "مجمع البحرين" من طريق مسيح بن حاتم به. وقال الطبراني: "لم يروه عن الأعمش إلا أبو بكر، تفرد به عبد الجبار بن عبد الله لم أعرفه، وبقية رجاله ثقات".
(٤) زيادة من أ.
(٥) في أ: "تروا".
(٦) ورواه الطبراني في المعجم الصغير برقم (٧٧)، من طريق أحمد بن الحسين بن بهرام به، وقال الهيثمي في المجمع (٨/ ٢٠٣): "فيه الحسين بن أبي جعفر الجفري: وهو متروك".
(٧) المستدرك (٢/ ٣٧٩) ورواه الترمذي في السنن برقم (١٧٣٤) من طريق حميد الأعرج به. قال الحاكم: "على شرط البخاري"، وتعقبه الذهبي بقوله: "بل ليس على شرطه، وإنما غره أن في إسناده حميد بن قيس كذا، وهو خطأ، إنما هو حميد الأعرج الكوفي ابن علي أو ابن عمار أحد المتروكين فظن أنه المكي الصادق.