للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

واستثنى الإمام أحمد صيد الكلب الأسود؛ لأنه عنده مما يجب قتله ولا يحل اقتناؤه؛ لما ثبت في صحيح مسلم عن أبي ذر؛ أن رسول الله قال: "يَقْطَع الصلاةَ الحمارُ والمرأةُ والكلبُ الأسودُ" فقلت: ما بال الكلب الأسود من الأحمر (١)؟ فقال: "الكلب الأسود شيطان" (٢) وفي الحديث الآخر: أن رسول الله أمر بقتل الكلاب، ثم قال: "ما بالهم وبال الكلاب، اقتلوا (٣) منها كل أسود بَهِيم". (٤)

وسميت هذه الحيوانات التي يصطاد بهن: جوارح، من الجرح، وهو: الكسب. كما تقول (٥) العرب: فلان جَرح أهله خيرا، أي: كسبهم خيرا. ويقولون: فلان لا جارح له، أي: لا كاسب له، وقال الله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ﴾ [الأنعام: ٦٠] أي: ما كسبتم من خير وشر.

وقد ذكر في سبب نزول هذه الآية الكريمة الحديث الذي رواه ابن أبي حاتم: حدثنا حجاج بن حمزة، حدثنا زيد بن الحُبَاب، حدثني موسى بن عبيدة، حدثني أبان بن صالح، عن القعقاع بن حكيم، عن سلمى أم رافع، عن أبي رافع مولى رسول الله ؛ أن رسول الله أمر بقتل الكلاب، فقتلت، فجاء الناس فقالوا: يا رسول الله، ما يحل لنا من هذه الأمة التي أمرت (٦) بقتلها؟ قال: فسكت، فأنزل الله: (يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ) الآية. فقال رسول الله : "إذا أرسل الرجل كلبه وسَمَّى، فأمسك عليه، فليأكل ما لم يأكل ".

وهكذا رواه ابن جرير، عن أبي كُرَيْب، عن زيد بن الحباب بإسناده، عن أبي رافع قال: جاء جبريل إلى النبي ليستأذن (٧) عليه، فأذن له فقال: قد أذنا لك يا رسول الله. قال: أجل، ولكنا لا ندخل بيتا فيه كلب، قال أبو رافع: فأمرني أن أقتل كل كلب بالمدينة، فقتلت، حتى انتهيت إلى امرأة عندها كلب ينبح عليها، فتركته رحمة لها، ثم جئت إلى رسول الله فأخبرته فأمرني، فرجعت إلى الكلب فقتلته، فجاءوا فقالوا: يا رسول الله، ما يحل لنا من هذه الأمة التي أمرت بقتلها؟ قال: فسكت رسول الله ، قال: فأنزل الله ﷿: (يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ)

ورواه الحاكم في مستدركه من طريق محمد بن إسحاق، عن أبَان بن صالح، به. وقال: صحيح ولم يخرجاه. (٨)


(١) في أ: "الأصفر".
(٢) صحيح مسلم برقم (٥١٠).
(٣) في أ: "وقالوا".
(٤) صحيح مسلم برقم (١٥٧٣) وسنن أبي داود برقم (٧٤) وسنن النسائي (١/ ١٧٧) وسنن ابن ماجة برقم (٣٦٥).
(٥) في أ: "يقول".
(٦) في د: "أمر".
(٧) في ر: "يستأذن عليه".
(٨) ورواه الطبري في تفسيره (٩/ ٥٤٥) من طريق زيد بن الحباب به، ورواه الطبراني في المعجم الكبير (١/ ٣٢٦) من طريق موسى بن عبيدة به. قال الهيثمي في المجمع (٤/ ٤٢): "فيه موسى بن عبيدة الربذي وهو ضعيف". قلت: وقد توبع: تابعه محمد بن إسحاق. رواه البيهقي في السنن الكبرى (٩/ ٢٣٥)، والحاكم في المستدرك (٢/ ٣١١) من طريق معلى بن منصور، عن ابن أبي زائدة، عن محمد بن إسحاق به مختصرا.