للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَخْبَرَتْهُ: أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "لَيْسَ الْكَذَّابُ الَّذِي (١) يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ فَيَنْمِي خَيْرًا -أَوْ يَقُولُ خَيْرًا" وَقَالَتْ: لَمْ أَسْمَعْهُ يُرَخِّصُ فِي شَيْءٍ مِمَّا يَقُولُهُ النَّاسُ إِلَّا فِي ثَلَاثٍ: فِي الْحَرْبِ، وَالْإِصْلَاحِ بَيْنَ النَّاسِ، وَحَدِيثِ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ، وَحَدِيثِ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا. قَالَ: وَكَانَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ عُقْبَةَ مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ اللَّاتِي بَايَعْنَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَقَدْ رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ، سِوَى ابْنِ مَاجَهْ، مِنْ طُرُقٍ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، بِهِ نَحْوَهُ (٢) .

قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرة (٣) عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلِ مِنْ دَرَجَةِ الصَّلَاةِ، وَالصِّيَامِ وَالصَّدَقَةِ؟ " قَالُوا: بَلَى. قَالَ: "إِصْلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ" قَالَ: "وَفَسَادُ ذَاتِ الْبَيْنِ هِيَ الْحَالِقَةُ".

وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ، مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُعَاوِيَةَ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ صَحِيحٌ (٤) .

وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ، حَدَّثَنَا سُرَيج (٥) بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِأَبِي أَيُّوبَ: "أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى تِجَارَةٍ؟ " قَالَ: بَلَى: قَالَ: "تَسْعَى فِي صُلْحٍ بَيْنَ النَّاسِ إِذَا تَفَاسَدُوا، وتُقَارب بَيْنَهُمْ إِذَا تَبَاعَدُوا" ثُمَّ قَالَ الْبَزَّارُ: وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ العُمَري لَيّن، وَقَدْ حَدَّثَ بِأَحَادِيثَ لَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهَا (٦) .

وَلِهَذَا قَالَ: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللهِ} أَيْ: مُخْلِصًا فِي ذَلِكَ مُحْتَسِبًا ثَوَابَ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} أَيْ: ثَوَابًا كَثِيرًا وَاسِعًا.

وَقَوْلُهُ: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى} أَيْ: وَمَنْ سَلَكَ غَيْرَ طَرِيقِ الشَّرِيعَةِ الَّتِي جَاءَ بِهَا الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَصَارَ فِي شِقٍّ وَالشَّرْعُ فِي شِقٍّ، وَذَلِكَ عَنْ عَمْد مِنْهُ بَعْدَمَا ظَهَرَ لَهُ الْحَقُّ وَتَبَيَّنَ لَهُ وَاتَّضَحَ لَهُ. وَقَوْلُهُ: {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} هَذَا مُلَازِمٌ لِلصِّفَةِ الْأُولَى، وَلَكِنْ قَدْ تَكُونُ (٧) الْمُخَالَفَةُ لِنَصِّ الشَّارِعِ، وَقَدْ تَكُونُ (٨) لِمَا أَجْمَعَتْ (٩) عَلَيْهِ الْأُمَّةُ الْمُحَمَّدِيَّةُ، فِيمَا عُلِمَ اتِّفَاقُهُمْ عَلَيْهِ تَحْقِيقًا، فَإِنَّهُ قَدْ ضُمِنت لَهُمُ الْعِصْمَةُ فِي اجْتِمَاعِهِمْ مِنَ الْخَطَأِ، تشريفًا لهم وتعظيما لنبيهم


(١) في ر: "بالذي".
(٢) المسند (٦/٤٠٣) وصحيح البخاري برقم (٢٦٩٢) وصحيح مسلم برقم (٢٦٠٥) وسنن أبي داود برقم (٤٩٢٠) وسنن الترمذي برقم (١٩٣٨) وسنن النسائي الكبرى برقم (٩١٢٣) .
(٣) في ر، أ: "محمد".
(٤) المسند (٦/٤٤٤) وسنن أبي داود برقم (٤٩١٩) وسنن الترمذي برقم (٢٥٠٩) .
(٥) في ر، أ: "شريح".
(٦) مسند البزار برقم (٢٠٦٠) "كشف الأستار" وقال الهيثمي في المجمع (٨/٧٩) : "فيه عبد الرحمن بن عبد الله العمري وهو متروك".
(٧) في أ: "يكون".
(٨) في أ: "يكون".
(٩) في ر، أ: "أجمع".

<<  <  ج: ص:  >  >>