للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للترجمة التي ذكرها البخاري فيه نظر، والله أعلم (١).

والحديث الثاني أظهر في المناسبة وهو قوله: حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا أبو عَوَانة، عن مغيرة، عن مجاهد، عن عبد الله بن عمرو قال: أنكحني أبي امرأة ذات حسب، فكان يتعاهد كِنّتَه فيسألها عن بعلها فتقول: نعم الرجل من رجل لم يطأ لنا فراشا، ولم يفتش لنا كنفا منذ أتيناه، فلما طال ذلك عليه ذكر للنبي ، فقال: "ألقنى به"، فلقيته بعد، فقال: "كيف تصوم؟ ". قلت: كل يوم. قال: "وكيف تختم؟ ". قلت: كل ليلة. قال: "صم كل شهر ثلاثة، واقرأ القرآن في كل شهر": قال: قلت: إني أطيق أكثر من ذلك. قال: "صم ثلاثة أيام في الجمعة". قلت: أطيق أكثر من ذلك. قال: "أفطر يومين وصوم يوما". قلت: أطيق أكثر من ذلك. قال: "صم أفضل الصوم صوم داود، صيام يوم وإفطار يوم، واقرأ في كل سبع ليال مرةً"، فليتني قبلت رخصة رسول الله ! وذلك أني كبرت وضعفت، فكان يقرأ على بعض أهله السبع من القرآن بالنهار والذي يقرأ يعرضه بالنهار ليكون أخف عليه بالليل، وإذا أراد أن يتقوى أفطر أياما وأحصى وصام مثلهن، كراهية أن يترك شيئا فارق عليه النبي . وقال بعضهم: في ثلاث وفي خمس وأكثرهم على سبع (٢).

وقد رواه في الصوم، والنسائي -أيضا-عن بُنْدَار عن غُنْدَر، عن شعبة، عن مغيرة، والنسائي من حديث حصين، كلاهما عن مجاهد به (٣).

ثم روى البخاري ومسلم وأبو داود من حديث يحيى بن أبي كثير، عن محمد بن عبد الرحمن -مولى بني زهرة (٤) -عن أبي سلمة: قال: وأحسبني قال: سمعت أنا من أبي سلمة، عن عبد الله بن عمرو قال: قال لي النبي : "اقرأ القرآن في شهر". قلت: إني أجد قوة. قال: "فاقرأه في سبع ولا تزد على ذلك" (٥). فهذا السياق ظاهره يقتضي المنع من قراءة القرآن في أقل من سبع، وهكذا الحديث الذي رواه أبو عبيد:

حدثنا حجاج وعمر بن طارق ويحيى بن بكير، كلهم عن ابن لَهِيعة، عن حبان بن واسع، عن أبيه، عن قيس بن أبي صعصعة؛ أنه قال للنبي : يا رسول الله، في كم أقرأ القرآن؟ فقال: "في كل خمس عشرة". قال: إني أجد في أقوى من ذلك، قال: "ففي كل جمعة" (٦).

وحدثنا حجاج عن شعبة، عن محمد بن ذكوان -رجل من أهل الكوفة-قال: سمعت عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود يقول: كان عبد الله بن مسعود يقرأ القرآن في غير رمضان من


(١) قال الحافظ ابن حجر في الفتح (٩/ ٩٥): "وقد خفيت مناسبة حديث أبي مسعود بالترجمة على ابن كثير، والذي يظهر أنها من جهة أن الآية المترجم بها تناسب ما استدل به ابن عيينة من حديث أبي مسعود، والجامع بينهما أن كلا من الآية والحديث يدل على الاكتفاء بخلاف ما قال ابن شبرمة".
(٢) صحيح البخاري برقم (٥٠٥٢).
(٣) صحيح البخاري برقم (١٩٧٨) وسنن النسائي (٤/ ٢٠٩، ٢١٠).
(٤) في ط: "أبي هريرة".
(٥) صحيح البخاري برقم (٥٠٥٣) وصحيح مسلم برقم (١١٥٩): وسنن أبي داود برقم (١٣٨٨) لكنه عند أبي داود من طريق أبان العطار عن يحيى بن أبي كثير عن محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة، والله أعلم.
(٦) فضائل القرآن (ص ٨٧).