للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الاستنشاق دون المضمضة كما هو رواية عن الإمام أحمد لما ثبت في الصحيحين: أن رسول الله قال: "من توضأ فليستنثر" (١) وفي رواية: "إذا توضأ أحدكم فليجعل في منخريه من الماء ثم لينتثر" (٢) والانتثار: هو المبالغة في الاستنشاق.

وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو سلمة الخزاعي، حدثنا سليمان بن بلال، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن ابن عباس؛ أنه توضأ فغسل وجهه، ثم أخذ غرفة من ماء فتمضمض بها واستنثر، ثم أخذ غرفة فجعل بها هكذا، يعني أضافها إلى يده الأخرى، فغسل بهما وجهه. ثم أخذ غرفة من ماء، فغسل بها يده اليمنى، ثم أخذ غرفة من ماء فغسل بها يده اليسرى، ثم مسح رأسه، ثم أخذ غرفة من ماء، ثم رش على رجله اليمنى حتى غسلها، ثم أخذ غرفة أخرى فغسل بها رجله اليسرى، ثم قال: هكذا رأيت رسول الله ، يعني يتوضأ.

ورواه البخاري، عن محمد بن عبد الرحيم، عن أبي سلمة منصور بن سلمة الخزاعي، به (٣)

وقوله: (وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ) أي: مع المرافق، كما قال تعالى: ﴿وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا﴾ [النساء: ٢]

وقد روى الحافظ الدارقطني وأبو بكر البيهقي، من طريق القاسم بن محمد، عن (٤) عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جده، عن جابر بن عبد الله قال: كان رسول الله إذا توضأ أدار الماء على مرفقيه. ولكن القاسم هذا متروك الحديث، وجده ضعيف (٥) والله أعلم.

ويستحب للمتوضئ أن يشرع في العضد ليغسله مع ذراعيه؛ لما روى البخاري ومسلم، من حديث نُعَيم المُجْمِر، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : "إن أمتي يُدْعَوْن يوم القيامة غُرًّا مُحَجَّلين من آثار الوضوء، فمن استطاع منكم أن يطيل غُرَّته فليفعل". (٦)

وفي صحيح مسلم: عن قُتَيْبَة، عن خَلَف بن خليفة، عن أبي مالك الأشجعي، عن أبي حازم، عن أبي هريرة قال: سمعت خليلي (٧) يقول: "تبلغ الحِلْية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء". (٨)

وقوله: (وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ) اختلفوا في هذه "الباء" هل هي للإلصاق، وهو الأظهر أو للتبعيض؟ وفيه نظر، على قولين. ومن الأصوليين من قال: هذا مجمل فليرجع (٩) في بيانه إلى السنة، وقد ثبت في الصحيحين من طريق مالك، عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه، أن رجلا قال لعبد الله بن زيد بن عاصم -وهو جد عمرو بن يحيى، وكان من أصحاب النبي : هل تستطيع أن تريني كيف كان رسول الله يتوضأ؟ فقال عبد الله بن زيد: نعم، فدعا بوضوء، فأفرغ على يديه، فغسل يديه مرتين مرتين، ثم مضمض (١٠) واستنشق ثلاثا، وغسل وجهه ثلاثا، ثم غسل يديه


(١) صحيح البخاري برقم (١٦١) وصحيح مسلم برقم (٢٣٧).
(٢) في أ: "ثم لينثره".
(٣) المسند (١/ ٢٦٨) وصحيح البخاري برقم (١٤٠).
(٤) في أ: "بن".
(٥) سنن الدارقطني (١/ ٨٣) وسنن البيهقي الكبرى (١/ ٥٦). قال الحافظ ابن حجر في الفتح (١/ ٢٩٣): "ضعيف".
(٦) صحيح البخاري برقم (١٣٦) وصحيح مسلم برقم (٢٤٦).
(٧) في أ: "خليلي رسول الله".
(٨) صحيح مسلم برقم (٢٤٦).
(٩) في أ: "فيرجع".
(١٠) في أ "تمضمض".