للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فيها، ولا يختلف في قتلها. (١)

ومن العلماء -كمالك وأحمد-من ألحق بالكلب العقور الذئب، والسَّبْعُ، والنِّمْر، والفَهْد؛ لأنها أشد ضررًا منه فالله أعلم. وقال سفيان بن عيينة وزيد بن أسلم: الكلب العقور يشمل هذه السباع العادية كلّها. واستأنس من قال بهذا بما روي أن رسول الله لما دعا على عتبة (٢) بن أبي لهب قال: "اللهم سَلِّط عليه (٣) كلبك بالشام" (٤) فأكله السبع بالزرقاء، قالوا: فإن قتل ما عداهن فَدَاها كالضبع والثعلب وهر البر ونحو ذلك.

قال مالك: وكذا يستثنى من ذلك صغار هذه الخمس المنصوص عليها، وصغار الملحق بها من السباع العوادي.

وقال الشافعي [] (٥) يجوز للمحرم قتل كل ما لا يؤكل لحمه، ولا فرق بين صغاره وكباره. وجعل العلة الجامعة كونها لا تؤكل.

وقال أبو حنيفة: يقتل المحرم الكلب العقور والذئب؛ لأنه كلب بري، فإن قتل غيرهما فَدَاه، إلا أن يصول عليه سبع غيرهما فيقتله فلا فداء عليه. وهذا قول الأوزاعي، والحسن بن صالح بن حيي.

وقال زُفَر بن الهذيل: يفدي ما سوى ذلك وإن صال عليه.

وقال بعض الناس: المراد بالغراب هاهنا الأبقع (٦) وهو الذي في بطنه وظهره بياض، دون الأدرع وهو الأسود، والأعصم وهو الأبيض؛ لما رواه النسائي عن عمرو بن علي الفَلاس، عن يحيى القَطَّان، عن شعبة، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن عائشة، عن النبي قال: "خمس يقتلهن المحرم: الحية، والفأرة، والحدأة، والغراب الأبقع، والكلب العقور".

والجمهور على أن المراد به أعم من ذلك؛ لما ثبت في الصحيحين من إطلاق لفظه.

وقال مالك، : لا يقتل المحرم الغراب إلا إذا صال عليه وآذاه.

وقال مجاهد بن جَبْر وطائفة: لا يقتله بل يرميه. ويروى مثله عن علي.

وقد روى هُشَيْم: حدثنا يزيد بن أبي زياد، عن عبد الرحمن بن أبي نُعْم، عن أبي سعيد، عن النبي ؛ أنه سئل عما يقتل المحرم، فقال: "الحية، والعقرب، والفُوَيْسِقَة، ويرمي الغراب ولا يقتله، والكلب العقور، والحدأة، والسبع العادي".


(١) صحيح مسلم برقم (١١٩٩).
(٢) في ر: "عتيبة".
(٣) في ر: "عليهم".
(٤) رواه البيهقي في دلائل النبوة (٢/ ٣٣٩) من طريق زهير بن العلاء، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة به مرسلا وذكر قصة. ورواه أبو نعيم في دلائل النبوة (ص ١٦٣) من طريق محمد بن إسحاق، عن عثمان بن عروة بن الزبير، عن أبيه وذكر قصة. ورواه البيهقي في دلائل النبوة (٢/ ٣٣٨) من طريق عباس بن الفضل، عن الأسود بن شيبان، عن أبي نوفل بن أبي عقرب عن أبيه به وذكر قصة.
(٥) زيادة من ر.
(٦) في ر: "المراد بالأبقع هاهنا الغراب".