للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وللنسائي عن عبد الله بن عمرو قال: نهى رسول الله عن قتل الضفدع، وقال: نَقِيقُها تسبيح. (١)

وقال آخرون: يؤكل من صيد البحر السمك، ولا يؤكل الضفدع. واختلفوا فيما سواهما، فقيل: يؤكل سائر ذلك، وقيل: لا يؤكل. وقيل: ما أكل شبهه من البر أكل مثله في البحر، وما لا يؤكل شبهه لا يؤكل. وهذه كلها وجوه في مذهب الشافعي، .

وقال أبو حنيفة، : لا يؤكل ما مات في البحر، كما لا يؤكل ما مات في البر؛ لعموم قوله: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ) [المائدة: ٣].

وقد ورد حديث بنحو ذلك، فقال ابن مردويه:

حدثنا عبد الباقي -هو ابن قانع-حدثنا الحسين بن إسحاق التُّسْتَرِيّ وعبد الله بن موسى بن أبي عثمان قالا حدثنا الحسين بن زيد الطحان، حدثنا حفص بن غِياث، عن ابن أبي ذئب، عن أبي الزبير، عن جابر قال: قال رسول الله : "ما صِدْتُموه وهو حي فمات فكلوه، وما ألقى البحر ميتًا طافيًا فلا تأكلوه".

ثم رواه من طريق إسماعيل بن أمية، ويحيى بن أبي أُنَيْسَة، عن أبي الزبير عن جابر به. وهو منكر. (٢)

وقد احتج الجمهور من أصحاب مالك، والشافعي، وأحمد بن حنبل، بحديث "العَنْبَر" المتقدم ذكره، وبحديث: "هو الطهور ماؤه الحل ميتته"، وقد تقدم أيضًا.

وروى الإمام أبو عبد الله الشافعي، عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن ابن عمر قال: قال رسول الله : "أحِلَّت لنا ميتتان ودَمَان، فأما الميتتان فالحوت والجراد، وأما الدمان فالكبد والطحال".

ورواه أحمد وابن ماجه، والدارقطني والبيهقي. وله شواهد، وروي (٣) موقوفًا، والله أعلم.

وقوله: (وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا) أي: في حال إحرامكم يحرم (٤) عليكم الاصطياد. ففيه دلالة على تحريم ذلك (٥) فإذا اصطاد المحرم الصيد متعمدًا أثمَ وغَرم، أو مخطئًا غرم وحرم عليه أكله؛ لأنه في حقه كالميتة، وكذا في حق غيره من المحرمين والمحلين عند مالك والشافعي -في أحد قوليه-وبه يقول عطاء، والقاسم، وسالم، وأبو يوسف، ومحمد بن الحسن، وغيرهم. فإن


(١) لم أجده عند البحث في سنن النسائي ولعلى أتداركه فيما بعد. ورواه الطبراني في المعجم الأوسط برقم (١٨٥٢) من طريق الحجاج بن محمد عن شعبة عن قتادة عن زرارة بن أوفي عن عبد الله بن عمرو به.
(٢) ونكارته؛ لمخالفته الاية والأحاديث الصحيحة مثل حديث: "هو الطهور ماؤه"، وحديث العنبر.
(٣) مسند الشافعي برقم (١٧٣٤) ومسند أحمد (٢/ ٩٧) ومضى تخريجه عند الآية: ٣ من هذه السورة.
(٤) في د: "فحرام".
(٥) في د: "التحريم".