للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله: (ذَوَا عَدْلٍ) وصف الاثنين، بأن يكونا عدلين.

وقوله: (مِنْكُمْ) أي: من المسلمين. قاله الجمهور. قال (١) علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في قوله: (ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ) قال: من المسلمين. رواه ابن أبي حاتم، ثم قال: رُوي عن عُبيدة، وسعيد بن المسيب، والحسن، ومجاهد، ويحيى بن يَعْمُر، والسُّدِّي، وقتادة، ومُقاتل بن حَيَّان، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، نحو ذلك.

قال ابن جرير: وقال آخرون: عني: ذلك (ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ) أي: من حَي (٢) الموصي. وذلك قول روي عن عكرمة وعبيدة وعدّة غيرهما.

وقوله: (أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ) قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا سعيد بن عَوْن، حدثنا عبد الواحد بن زياد، حدثنا حبيب بن أبي عَمْرَة، عن سعيد بن جبير قال: قال ابن عباس في قوله: (أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ) قال: من غير المسلمين، يعني: أهل الكتاب.

ثم قال: وروي عن عبيدة، وشُرَيْح، وسعيد بن المسيب، ومحمد بن سيرين، ويحيى بن يعمر، وعكرمة، ومجاهد، وسعيد بن جبير، والشعبي، وإبراهيم النَّخَعِي، وقتادة، وأبي مِجْلزَ، والسُّديِّ، ومقاتل بن حيان، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، نحو ذلك.

وعلى ما حكاه ابن جرير عن عكرمة وعبيدة في قوله: (مِنْكُمْ) أي: المراد من قبيلة الموصي، يكون المراد هاهنا: (أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ) أي: من غير قبيلة الموصي. وقد روى عن ابن أبي حاتم مثله عن الحسن البصري، والزهري، رحمهما الله.

وقوله: (إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الأرْضِ) أي: سافرتم، (فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ) وهذان شرطان لجواز استشهاد الذميين عند فقد المؤمنين، أن يكون ذلك في سفر، وأن يكون في وصية، كما صرح بذلك شريح القاضي.

قال ابن جرير: حدثنا عمرو بن علي، حدثنا أبو معاوية ووَكِيع قالا حدثنا الأعمش، عن إبراهيم، عن شريح قال: لا تجوز شهادة اليهودي والنصراني (٣) إلا في سفر، ولا تجوز في سفر إلا في وصية.

ثم رواه عن أبي كُرَيْب، عن أبي بكر بن عياش، عن أبي إسحاق السَّبِيعي قال: قال شريح، فذكر مثله.

وقد روي مثله عن الإمام أحمد بن حنبل، رحمه الله تعالى. وهذه المسألة من إفراده، وخالفه الثلاثة فقالوا: لا تجوز شهادة أهل الذمة على المسلمين. وأجازها أبو حنيفة فيما بين بعضهم بعضًا.

وقال ابن جرير: حدثنا عمرو بن علي، حدثنا أبو داود، حدثنا صالح بن أبي الأخضر، عن الزهري قال: مضت السنّة أنه لا تجوز شهادة كافر في حضر ولا سفر، إنما هي في المسلمين. (٤)


(١) في د: "قاله".
(٢) في د: "من أهل".
(٣) في د: "اليهود والنصارى".
(٤) تفسير الطبري (١١/ ١٦٦).