للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقد رواه الدارقطني أيضا عن أبي هريرة مرفوعا بنحوه (١) أو مثله، وقال: كلهم ثقات (٢). وروى البيهقي عن علي (٣) وابن عباس (٤) وأبي هريرة (٥) أنهم فسروا قوله تعالى: ﴿سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي﴾ [الحجر: ٨٧] بالفاتحة، وأن البسملة هي الآية السابعة منها، وسيأتي تمام هذا عند البسملة.

وقد روى الأعمش عن إبراهيم قال: قيل لابن مسعود: لِمَ لَمْ تكتب الفاتحة في مصحفك؟ قال: لو كتبتها لكتبتها في أول كل سورة. قال أبو بكر بن أبي داود: يعني حيث يقرأ في الصلاة، قال: واكتفيت بحفظ المسلمين لها عن كتابتها.

وقد قيل: إن الفاتحة أول شيء نزل من القرآن، كما ورد في حديث رواه البيهقي في دلائل النبوة (٦) ونقله الباقلاني أحد أقوال ثلاثة هذا [أحدها] (٧) وقيل: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ﴾ كما في حديث جابر في الصحيح (٨). وقيل: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾ [العلق: ١] وهذا هو الصحيح، كما سيأتي تقريره في موضعه، والله (٩) المستعان.

ذكر ما ورد في فضل الفاتحة

قال الإمام أحمد بن محمد بن حنبل، ، في مسنده: حدثنا يحيى بن سعيد، عن شعبة، حدثني خبيب بن عبد الرحمن، عن حفص بن عاصم، عن أبي سعيد بن المُعَلَّى، ، قال: كنت أصلي فدعاني رسول الله ، فلم أجبه حتى صلَّيت وأتيته، فقال: " ما منعك أن تأتيني؟ ". قال: قلت: يا رسول الله، إني كنت أصلي. قال: " ألم يقل الله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾ [الأنفال: ٢٤] ثم قال: " لأعلمنك أعظم سورة في القرآن قبل أن تخرج من المسجد ". قال: فأخذ بيدي، فلما أراد أن يخرج من المسجد قلت: يا رسول الله إنك قلت: " لأعلمنك أعظم سورة في القرآن ". قال: " نعم، الحمد لله رب العالمين هي: السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته ".

وهكذا رواه البخاري عن مسدد، وعلي بن المديني، كلاهما عن يحيى بن سعيد القطان، به (١٠). ورواه في موضع آخر من التفسير، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه من طرق عن شعبة، به (١١). ورواه الواقدي عن محمد بن معاذ الأنصاريّ، عن خبيب بن عبد الرحمن، عن حفص بن عاصم، عن أبي سعيد بن المُعَلَّى، عن أبي بن كعب، فذكر نحوه.

وقد وقع في الموطأ للإمام مالك بن أنس، ما ينبغي التنبيه عليه، فإنه رواه مالك عن العلاء بن عبد


(١) في أ: "نحوه".
(٢) سنن الدارقطني (١/ ٣١٢) من طريق أبي بكر الحنفي عن عبد الحميد بن جعفر عن نوح به مرفوعا، ثم قال أبو بكر الحنفي: "ثم لقيت نوحا فحدثني سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة بمثله ولم يرفعه".
(٣) شعب الإيمان للبيهقي برقم (٢٣٥٣) من طريق الثوري عن السدي عن عبد خير عن علي بن أبي طالب.
(٤) شعب الإيمان برقم (٢٣٥٦) من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس.
(٥) شعب الإيمان برقم (٢٣٥٤).
(٦) دلائل النبوة للبيهقي (٢/ ١٥٨) وقال الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية (٣/ ١٠) بعد أن أورده من طريق البيهقي: "وهو مرسل، وفيه غرابة وهو كون الفاتحة أول ما نزل".
(٧) زيادة من جـ.
(٨) صحيح البخاري برقم (٤٩٢٣، ٤٩٢٦، ٤٩٥٤) وصحيح مسلم برقم (١٦١).
(٩) في أ، و: "وبالله".
(١٠) المسند (٣/ ٤٥٠) وصحيح البخاري برقم (٥٠٠٦) وبرقم (٤٤٧٤).
(١١) صحيح البخاري برقم (٤٦٤٧، ٤٧٠٣) وسنن أبي داود برقم (١٤٥٨) وسنن النسائي (٢/ ١٣٩) وسنن ابن ماجة برقم (٣٧٨٥).