للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَعْدَائِكَ وَمُظَفِّرُكَ بِهِمْ، فَلَا تَخَفْ وَلَا تَحْزَنْ، فَلَنْ يَصِلَ أَحَدٌ مِنْهُمْ إِلَيْكَ بِسُوءٍ يُؤْذِيكَ.

وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ يُحْرَس (١) كَمَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ:

حَدَّثَنَا يَزِيدُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ يُحَدِّثُ: أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تُحَدِّثُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَهِر ذَاتَ لَيْلَةٍ، وَهِيَ إِلَى جَنْبِهِ، قَالَتْ: فقلتُ: مَا شَأْنُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "لَيْتَ رَجُلًا صَالِحًا مِنْ أَصْحَابِي يَحْرُسُنِي اللَّيْلَةَ؟ " قَالَتْ: فَبَيْنَا أَنَا عَلَى ذَلِكَ إِذْ سَمِعْتُ صَوْتَ السِّلَاحِ فَقَالَ: "مَنْ هَذَا؟ " فَقَالَ: أَنَا سَعْدُ بْنُ مَالِكٍ. فَقَالَ: "مَا جَاءَ بِكَ؟ " قَالَ: جِئْتُ لِأَحْرُسَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَتْ: فَسَمِعْتُ غَطِيطَ رسول الله صلى الله عليه وسلم في نَوْمِهِ. أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ، بِهِ. (٢)

وَفِي لَفْظٍ: سَهِر رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةِ مَقْدَمِه الْمَدِينَةَ. يَعْنِي: عَلَى أَثَرِ هِجْرَتِهِ [إِلَيْهَا] (٣) بَعْدَ دُخُولِهِ بِعَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، وَكَانَ ذَلِكَ فِي سَنَةِ ثِنْتَيْنِ مِنْهَا.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ الْبَصْرِيُّ نَزِيلُ مِصْرَ، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ عُبَيد -يَعْنِي أَبَا قُدَامَةَ-عَنِ الجُرَيري، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيق، عَنْ عَائِشَةَ [رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا] (٤) قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحْرَس حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} قَالَتْ: فَأَخْرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأسه من القُبَّة، وقال: "يأيها النَّاسُ، انْصَرِفُوا فَقَدْ عَصَمَنِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ".

وَهَكَذَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، عَنْ عَبْدِ بْنِ حُمَيد وَعَنْ نَصْرِ بْنِ عَلِيٍّ الجَهْضمي، كِلَاهُمَا عَنْ مُسْلِمِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، بِهِ. ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ.

وَهَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ وَالْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ، مِنْ طُرُقِ مُسْلِمِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، بِهِ. ثُمَّ قَالَ الْحَاكِمُ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ. وَكَذَا رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ عُبَيد أَبِي قُدَامَةَ [الْإِيَادِيِّ] (٥) عَنِ الجُرَيري، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيق، عَنْ عَائِشَةَ، بِهِ. (٦)

ثُمَّ قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَقَدْ رَوَى بَعْضُهُمْ هَذَا عَنِ الجُرَيري، عَنِ ابْنِ شَقِيقٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحْرَسُ. وَلَمْ يَذْكُرْ عَائِشَةَ.

قُلْتُ: هَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ مِنْ طَرِيقِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُلَيَّةَ، وَابْنِ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ وُهَيْب (٧) كِلَاهُمَا عَنِ الجُرَيري، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ مُرْسَلًا (٨) وَقَدْ رُوِيَ هَذَا مُرْسَلًا عَنْ سَعِيدِ بْنِ جبَيْر


(١) في د: "يحترس".
(٢) المسند (٦/١٤٠) وصحيح البخاري برقم (٢٨٨٥) وصحيح مسلم برقم (٢٤١٠) .
(٣) زيادة من أ.
(٤) زيادة من أ.
(٥) زيادة من أ.
(٦) سنن الترمذي برقم (٥٠٣٧) وتفسير الطبري (١٠/٤٦٩) والمستدرك (٢/٣١٣) وسنن سعيد بن منصور برقم (٧٦٨) .
(٧) في أ: "وهب".
(٨) تفسير الطبري (١٠/٤٦٩) وقال الشيخ سعد الحميد -حفظه الله- في تعليقه على سنن سعيد بن منصور (٤/١٥٠٥) : "رواية ابن علية وحدها أرجح من رواية الحارث؛ لأنه أوثق منه وسمع من سعيد قبل اختلاطه، فكيف وقد وافقه وهيب؟ " أ. هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>