للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قبل يوم القيامة، وستأتي في موضعها إن شاء الله تعالى.

وقوله: (أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا) أي: يجعلكم ملتبسين شيعا فرقا متخالفين. قال الوالبي، عن ابن عباس: يعني: الأهواء وكذا قال مجاهد وغير واحد.

وقد ورد في الحديث المروي من طرق عنه أنه قال: "وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة".

وقوله: (وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ) قال ابن عباس وغير واحد: يعني يسلط بعضكم على بعض بالعذاب والقتل.

وقوله: (انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ) أي: نبينها ونوضحها ونُقِرُّهَا (١) (لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ) أي: يفهمون ويتدبرون عن الله آياته وحججه وبراهينه.

قال زيد بن أسلم: لما نزلت (قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ [أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ]) (٢) الآية، قال رسول الله : "لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رِقاب بعض بالسيوف" (٣). قالوا: ونحن نشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله؟ قال: " نعم". فقال بعض الناس: لا يكون هذا أبدا، أن يقتل بعضنا بعضا ونحن مسلمون، فنزلت: (انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ * وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ * لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ)

رواه ابن أبي حاتم وابن جرير (٤)

﴿وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ (٦٦) لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (٦٧) وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٦٨)

يقول تعالى: (وَكَذَّبَ بِهِ) أي: بالقرآن الذي جئتهم به، والهدى والبيان. (قَوْمُكَ) يعني: قريشا (وَهُوَ الْحَقُّ) أي: الذي ليس وراءه حق (قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ) أي: لست عليكم بحفيظ، ولست بموكل بكم، كقوله ﴿وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ﴾ [الكهف: ٢٩] أي: إنما علي البلاغ، وعليكم السمع والطاعة، فمن اتبعني، سعد في الدنيا والآخرة، ومن خالفني، فقد شقي في الدنيا والآخرة؛ ولهذا قال: (لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ)

قال ابن عباس وغير واحد: أي لكل نبأ حقيقة، أي: لكل خبر وقوع، ولو بعد حين، كما قال:


(١) في أ: "ونفسرها".
(٢) زيادة من أ.
(٣) في أ: بالسيف".
(٤) تفسير الطبري (١١/ ٤٣٠).