للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نَفْسَهُ". قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ يَحْقِرُ أَحَدُنَا نَفْسَهُ؟. قَالَ: "يَرَى أَمْرًا لِلَّهِ فِيهِ مَقَال، ثُمَّ لَا يَقُولُ فِيهِ. فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَقُولَ فِيَّ كَذَا وَكَذَا وَكَذَا؟ فَيَقُولُ: خَشْيَةَ النَّاسِ، فَيَقُولُ: فَإِيَّايَ كُنْتُ أَحَقَّ أَنْ تَخْشَى". تَفَرَّدَ بِهِ. (١)

وَقَالَ أَيْضًا: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيل، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو طُوَالة، حَدَّثَنَا نَهَارُ العَبْدِيّ؛ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِنَّ اللَّهَ لَيَسْأَلُ الْعَبْدَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، حَتَّى يَقُولَ: مَا مَنَعَكَ إِذْ (٢) رَأَيْتَ الْمُنْكَرَ أَنْ تُنْكِرَهُ؟ فَإِذَا لَقَّنَ (٣) اللَّهُ عَبْدًا حُجَّتَهُ، قَالَ: يَا رَبِّ، رَجَوْتُكَ وفَرقْتُ مِنَ النَّاسِ". تَفَرَّدَ بِهِ أَيْضًا ابْنُ مَاجَهْ، (٤) وَإِسْنَادُهُ لَا بَأْسَ بِهِ.

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ، عَنْ حَمَّادِ (٥) بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ جُنْدَب، عَنْ حُذَيْفَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لا يَنْبَغِي لِمُسْلِمٍ أَنْ يُذِلَّ نَفْسَهُ". قِيلَ: وَكَيْفَ يُذِلُّ نَفْسَهُ؟ قَالَ: "يَتَعَرَّضُ مِنَ الْبَلَاءِ لِمَا لَا يُطِيقُ".

وَكَذَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ جَمِيعًا، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّار، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَاصِمٍ، بِهِ. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ. (٦)

وَقَالَ ابْنُ مَاجَهْ: حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ (٧) الْوَلِيدِ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عُبَيد الخُزَاعي، حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مَعْبَد حَفْصُ بْنُ غَيْلان (٨) الرُّعَيني، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَتَى يُتْرَكُ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ؟ قَالَ: "إِذَا ظَهَر فِيكُمْ مَا ظَهَر فِي الْأُمَمِ قَبْلَكُمْ". قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا ظَهَرَ فِي الْأُمَمِ قَبْلَنَا؟ قَالَ: "المُلْك فِي صِغَارِكُمْ، وَالْفَاحِشَةُ فِي كِبَارِكُمْ، وَالْعِلْمُ فِي رُذالكم". قَالَ زَيْدٌ: تَفْسِيرُ مَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" "وَالْعِلْمُ فِي رُذالكم": إِذَا كَانَ الْعِلْمُ فِي الفُسَّاق.

تَفَرَّدَ بِهِ ابْنُ مَاجَهْ (٩) وَسَيَأْتِي فِي حَدِيثِ أَبِي ثَعْلَبة، عِنْدَ قَوْلِهِ: {لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} [الْمَائِدَةِ: ١٠٥] شَاهِدٌ لِهَذَا، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَبِهِ الثِّقَةُ.

وَقَوْلُهُ: {تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا} قَالَ مُجَاهِدٌ: يَعْنِي بِذَلِكَ الْمُنَافِقِينَ. وَقَوْلُهُ: {لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ} يَعْنِي بِذَلِكَ مُوَالَاتِهِمْ لِلْكَافِرِينَ، وَتَرْكَهُمْ مُوَالَاةَ الْمُؤْمِنِينَ، الَّتِي أَعَقَبَتْهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ، وَأَسْخَطَتِ اللَّهَ عَلَيْهِمْ سُخْطًا مُسْتَمِرًّا إِلَى يَوْمِ مَعَادِهِمْ؛ وَلِهَذَا قَالَ: {أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ}


(١) سنن ابن ماجة برقم (٤٠٠٨) وقال البوصيري في الزوائد (٣/٢٤٢) : "هذا إسناد صحيح".
(٢) في ر: "إذا".
(٣) في ر: "ألقى".
(٤) سنن ابن ماجة برقم (٤٠١٧) وقال البوصيري في الزوائد (٣/٢٤٤) : "هذا إسناد صحيح".
(٥) في ر: "خالد".
(٦) المسند (٥/٤٠٥) وسنن الترمذي برقم (٢٢٥٤) وسنن ابن ماجة برقم (٤٠١٦) .
(٧) في أ: "حدثنا".
(٨) في أ: "عبدان".
(٩) سنن ابن ماجة برقم (٤٠١٥) وقال البوصيري في الزوائد (٣/٢٤٤) : "هذا إسناد صحيح ورجاله ثقات".

<<  <  ج: ص:  >  >>