للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الصلوات، أخذا بمطلق الحديث: " لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ".

وقال أبو حنيفة وأصحابه والثوري والأوزاعي: لا تتعين (١) قراءتها، بل لو قرأ بغيرها أجزأه لقوله: ﴿فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ﴾ [المزمل: ٢٠]، [كما تقدم] (٢) والله أعلم.

وقد روى ابن ماجه من حديث أبي سفيان السعدي، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد مرفوعًا: " لا صلاة لمن لم يقرأ في كل ركعة بالحمد وسورة في فريضة أو غيرها " (٣). وفي صحة هذا نظر، وموضح (٤) تحرير هذا كله في كتاب الأحكام الكبير، والله أعلم.

الوجه الثالث: هل تجب قراءة الفاتحة على المأموم؟ فيه ثلاثة أقوال للعلماء:

أحدها: أنه تجب عليه قراءتها، كما تجب على إمامه؛ لعموم الأحاديث المتقدمة.

والثاني: لا تجب على المأموم قراءة بالكلية لا الفاتحة ولا غيرها، لا في الصلاة الجهرية ولا السرية، لما رواه الإمام أحمد بن حنبل في مسنده، عن جابر بن عبد الله، عن النبي أنه قال: " من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة " ولكن في إسناده ضعف (٥). ورواه مالك، عن وهب بن كَيْسَان، عن جابر من كلامه (٦). وقد روي هذا الحديث من طرق، ولا يصح شيء منها عن النبي ، والله أعلم.

والقول الثالث: أنه تجب القراءة على المأموم في السرية، لما (٧) تقدم، ولا تجب (٨) في الجهرية لما ثبت في صحيح مسلم، عن أبي موسى الأشعري، قال: قال رسول الله : " إنما جعل الإمام ليؤتم به؛ فإذا كبَّر فكبّروا، وإذا قرأ فأنصتوا " وذكر بقية الحديث (٩).

وهكذا رواه أهل السنن؛ أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه، عن أبي هريرة، عن النبي أنه قال: " وإذا قرأ فأنصتوا " (١٠). وقد صححه مسلم بن الحجاج أيضا، فدل هذان الحديثان على صحة هذا القول وهو قول قديم للشافعي، ، ورواية عن الإمام أحمد بن حنبل (١١).


(١) في جـ، ط: "لا يتعين".
(٢) زيادة من جـ، ط.
(٣) سنن ابن ماجة برقم (٨٣٩) وقال البوصيري في الزوائد (١/ ٢٩١): "هذا إسناد ضعيف، أبو سفيان السعدي واسمه طريف بن شهاب، وقيل: ابن سعد، قال ابن عبد البر: أجمعوا على ضعفه". وأبو سفيان قد توبع، تابعه قتادة، فرواه عن أبي نضرة عن أبي سعيد مرفوعا بلفظ: "أمرنا أن نقرأ بفاتحة الكتاب وما تيسر" أخرجه أبو داود في السنن برقم (٨١٨).
(٤) في جـ، ط: "وموضع".
(٥) راه أحمد في المسند (٣/ ٣٣٩) وقد أطنب الإمام الزيلعي في الكلام على طرق هذا الحديث في كتابه "نصب الراية" (٢/ ٦ - ١٤) مما أغنى عن ذكره هاهنا.
(٦) راه البيهقي في السنن الكبرى (٢/ ١٦٠) من طريق مالك، وقال: "هذا هو الصحيح عن جابر من قوله: غير مرفوع".
(٧) في جـ: "كما".
(٨) في جـ، ط، ب: "ولا تجب ذلك".
(٩) صحيح مسلم برقم (٤١٤).
(١٠) سنن أبي داود برقم (٦٠٤) وسنن النسائي (٢/ ١٤١، ١٤٢) وسنن ابن ماجة برقم (٨٤٦) قال أبو داود: "وهذه الزيادة: "وإذا قرأ فأنصتوا" ليست بمحفوظة، الوهم عندنا من أبي خالد". وقد صحح هذه الزيادة مسلم في صحيحه، وتعقبه الدارقطني في التتبع (ص ٢٣٩). وانظر جواب أبي مسعود الدمشقي في: حاشية التتبع، وللشيخ ناصر الألباني بحث حول هذه الزيادة في الإرواء (٢/ ١٢١) وهو حسن.
(١١) في جـ: "أحمد".