للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[ونقله فخر الدين محمد بن عمر الرازي (١) في تفسيره عن ابن سيرين في رواية عنه قال: وهو قول إبراهيم النخعي وداود بن علي الأصبهاني الظاهري، وحكى القرطبي عن أبي بكر بن العربي عن المجموعة عن مالك، رحمه الله تعالى، أن القارئ يتعوذ بعد الفاتحة، واستغربه ابن العربي. وحكي قول ثالث وهو الاستعاذة أولا وآخرا جمعا بين الدليلين نقله فخر الدين (٢)] (٣).

والمشهور الذي عليه الجمهور أن الاستعاذة لدفع الوسواس فيها، إنما تكون قبل التلاوة، ومعنى الآية عندهم: ﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾ [النحل: ٩٨] أي: إذا أردت القراءة كقوله: ﴿إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ﴾ الآية [المائدة: ٦] أي: إذا أردتم القيام. والدليل على ذلك الأحاديث عن رسول الله بذلك؛ قال الإمام أحمد بن حنبل :

حدثنا محمد بن الحسن بن آتش (٤) حدثنا جعفر بن سليمان، عن علي بن علي الرفاعي اليشكري، عن أبي المتوكل الناجي، عن أبي سعيد الخدريّ، قال: كان رسول الله إذا قام من الليل فاستفتح صلاته وكبَّر قال: " سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك ". ويقول: " لا إله إلا (٥) الله " ثلاثًا، ثم يقول: " أعوذ بالله السميع العليم، من الشيطان الرجيم، من هَمْزه ونَفْخِه ونَفْثه ".

وقد رواه أهل السنن الأربعة من رواية جعفر بن سليمان، عن علي بن علي، وهو الرّفاعي (٦)، وقال الترمذي: هو أشهر حديث في هذا الباب. وقد فسَر الهمز بالموتة وهي الخنق، والنَّفخ بالكبر، والنفث بالشعر. كما رواه أبو داود وابن ماجه من حديث شعبة، عن عمرو بن مُرّة، عن عاصم العَنزيّ، عن نافع بن جبير بن مطعم، عن أبيه قال: رأيت رسول الله حين دخل في الصلاة، قال: " الله أكبر كبيرًا، ثلاثًا، الحمد لله كثيرا، ثلاثًا، سبحان الله بكرة وأصيلا ثلاثا، اللهم إني أعوذ بك من الشيطان من هَمْزه ونَفْخه ونفْثه ".

قال عمرو: وهمزه الموتة، ونفخه الكبر، ونفثه الشعر (٧).

وقال ابن ماجه: حدثنا علي بن المنذر، حدثنا ابن فُضيل، حدثنا عطاء بن السائب، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن ابن مسعود عن النبيّ قال: " اللهم إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم، وهَمْزه ونفخه ونفثه ".

قال: همزه: الموتة، ونَفْثُه: الشعر، ونفخه: الكِبْر (٨).


(١) في و: "الدينوري".
(٢) تفسير القرطبي (١/ ٨٨).
(٣) زيادة من ط، أ، و.
(٤) في جميع النسخ والمسند: "أنس" والصواب ما أثبتناه.
(٥) في جـ، ب، و: "ويقول: الله أكبر".
(٦) المسند (٣/ ٥٠) وسنن أبي داود برقم (٧٧٥) وسنن الترمذي برقم (٢٤٢) وسنن النسائي (٢/ ١٣٢) وسنن ابن ماجة برقم (٨٠٤).
(٧) سنن أبي داود برقم (٧٦٤) وسنن ابن ماجه برقم (٨٠٧) ورواه ابن حبان في صحيحه برقم (٤٤٣) من طريق شعبة به.
(٨) سنن ابن ماجة برقم (٨٠٨) ورواه ابن خزيمة في صحيحه برقم (٤٧٢) من طريق محمد بن فضيل به، وقال البوصيري في الزوائد (١/ ٢٨٥): "هذا إسناد ضعيف، عطاء بن السائب اختلط بآخره، وسمع منه محمد بن الفضيل بعد الاختلاط".