للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يعني: هل يشمل الرحم إلا على ذكر أو أنثى فلم تحرمون بعضا وتحلون بعضا؟ (١) (نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) يقول: كله حلال.

وقوله: (أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهَذَا) تهكم بهم فيما ابتدعوه وافتروه على الله، من تحريم ما حرموه من ذلك، (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ) أي: لا أحد أظلم منه، (إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)

وأول من دخل في هذه الآية: عمرو بن لُحَيّ بن قَمَعَة، فإنه أول من غير دين الأنبياء، وأول من سيب السوائب، ووصل الوصيلة، وحمى الحامي، كما ثبت ذلك في الصحيح (٢).

﴿قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٤٥)

يقول تعالى آمرًا عبده ورسوله محمدًا، صلوات الله وسلامه عليه: قل لهؤلاء الذين حرموا ما رزقهم الله افتراء على الله: (لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ) أي: آكل يأكله. قيل: معناه: لا أجد شيئًا مما حرمتم حرامًا سوى هذه. وقيل: معناه: لا أجد من الحيوانات شيئًا (٣) حرامًا سوى هذه. فعلى هذا يكون ما ورد من التحريمات بعد هذا في سورة "المائدة"، وفي الأحاديث الواردة، رافعًا لمفهوم هذه الآية.

ومن الناس من يسمي ذلك نسخًا، والأكثرون من المتأخرين لا يسمونه نسخًا؛ لأنه من باب رفع مباح الأصل، والله أعلم.

قال العَوْفي، عن ابن عباس: (أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا) يعني: المهراق.

قال عِكْرِمة في قوله: (أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا) لولا هذه الآية لتتبع الناس ما في العُرُوق، كما تتبعه اليهود.

وقال حماد، عن عمران بن حُدَير قال: سألت أبا مِجْلَز عن الدم، وما يتلطخ من الذبح من الرأس، وعن القِدْر يُرَى فيها الحمرة، فقال: إنما نهى الله عن الدم المسفوح.

وقال قتادة: حرم من الدماء ما كان مسفوحًا، فأما لحم خالطه دم فلا بأس به.

وقال ابن جرير: حدثنا المثنى، حدثنا حجاج بن مِنْهال، حدثنا حماد، عن يحيى بن سعيد، عن القاسم، عن عائشة: أنها كانت لا ترى بلحوم السباع بأسًا، والحمرة والدم يكونان على (٤) القدر بأسًا، وقرأت هذه الآية. صحيح غريب (٥).

وقال الحميدي: حدثنا سفيان، حدثنا عمرو بن دينار قال: قلت لجابر بن عبد الله: إنهم يزعمون


(١) زيادة من أ.
(٢) سبق ذكر الحديث عند الآية: ١٠٣ من سورة المائدة وتخريجه هناك.
(٣) في م: "شيئا من الحيوانات".
(٤) في م، أ: "يكون في أعلى".
(٥) تفسير الطبري (١٢/ ١٩٤)