للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أبا هريرة يقول: ذكر عند النبي فقال: "خبيث من الخبائث". فقال ابن عمر: إن كان النبي قاله فهو كما قال.

ورواه أبو داود، عن أبي ثور، عن سعيد بن منصور، به (١).

وقوله تعالى: (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ) أي: فمن اضطر إلى أكل شيء مما حُرّم في هذه الآية الكريمة، وهو غير متلبس ببغي ولا عدوان، (فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) أي: غفور له، رحيم به.

وقد تقدم تفسير هذه الآية في سورة البقرة بما فيه كفاية.

والمقصود من سياق هذه الآية الكريمة الرد على المشركين الذين ابتدعوا ما ابتدعوه، من تحريم المحرمات على أنفسهم بآرائهم الفاسدة من البَحِيرة والسائبة والوصيلة والحام ونحو ذلك، فأمر [الله] (٢) رسوله أن يخبرهم أنه لا يجد فيما أوحاه الله إليه أن ذلك محرم، وإنما حُرِّم ما ذكر في [هذه] (٣) الآية، من الميتة، والدم المسفوح، ولحم الخنزير، وما أهل لغير الله به. وما عدا ذلك فلم يحرم، وإنما هو عفو مسكوت عنه، فكيف تزعمون [أنتم] (٤) أنه حرام، ومن أين حرمتموه ولم يحرمه [الله] (٥)؟ وعلى هذا فلا يبقى تحريم أشياء أخر فيما بعد هذا، كما جاء النهي عن لحوم الحمر ولحوم السباع، وكل ذي مخلب من الطير، على المشهور من مذاهب (٦) العلماء.

﴿وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (١٤٦)

قال ابن جرير: يقول تعالى: وحرمنا على اليهود (كُلَّ ذِي ظُفُرٍ) وهو البهائم والطير ما لم يكن مشقوق الأصابع، كالإبل والنعام (٧) والأوز والبط. قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: (وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ) وهو البعير والنعامة. وكذا قال مجاهد، والسُّدِّي في رواية (٨).

وقال سعيد بن جُبَيْر: هو الذي ليس بمنفرج الأصابع، وفي رواية عنه: كل شيء متفرق الأصابع، ومنه الديك.

وقال قتادة في قوله: (وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ) وكان يقال: البعير والنعامة وأشياء من الطير والحيتان. وفي رواية: البعير والنعامة، وحرم عليهم من الطير: البط وشبهه، وكل شيء ليس بمشقوق الأصابع.

وقال ابن جُرَيْج: عن مجاهد: (كُلَّ ذِي ظُفُرٍ) قال: النعامة والبعير، شقا شقا. قلت للقاسم بن أبي بَزَّة وحدثنيه: ما "شقا شقًا"؟ قال: كل ما لا يفرج (٩) من قول البهائم. قال: وما انفرج أكلته


(١) سنن أبي داود برقم (٣٧٩٩).
(٢) زيادة من م.
(٣) زيادة من م، أ.
(٤) زيادة من م، أ.
(٥) زيادة من م، أ.
(٦) في أ: "مذهب".
(٧) في م: "والأنعام".
(٨) في م، أ: "في رواية والسدى".
(٩) في م: "ما لم ينفرج".