للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(أَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا) وكأن في الكلام محذوفًا دل عليه السياق، وتقديره: وأوصاكم (١) أَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا؛ ولهذا قال في آخر الآية: (ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) وكما قال الشاعر:

حَجَّ وأوصَى بسُلَيمى الأعْبُدَا … أنْ لا تَرَى ولا تُكَلِّم أحَدا

ولا يَزَلْ شَرَابُها مُبَرَّدا (٢).

وتقول العرب: أمرتك ألا تقوم.

وفي الصحيحين من حديث أبي ذر، ، قال: قال رسول الله : "أتاني جبريل فبشرني أنه من مات لا يشرك بالله شيئًا من أمتك، دخل الجنة. قلت: وإن زنا وإن سرق؟ قال: وإن زنا وإن سرق. قلت: وإن زنا وإن سرق؟ قال: وإن زنا وإن سرق. قلت: وإن زنا وإن سرق؟ قال: وإن زنا وإن سرق، وإن شرب الخمر": وفي بعض (٣) الروايات أن القائل ذلك إنما هو أبو ذر لرسول الله ، وأنه، عليه (٤) السلام، قال في الثالثة: "وإن رغم أنفُ أبي ذر" (٥) فكان أبو ذر يقول بعد تمام الحديث: وإن رغم أنف أبي ذر.

وفي بعض المسانيد والسنن عن أبي ذر [] (٦) قال: قال رسول الله : "يقول الله تعالى: يا ابن آدم، إنك ما دعوتني ورجوتني فإني أغفر لك على ما كان منك ولا أبالي، ولو أتيتني بقراب الأرض خطيئة أتيتك بقرابها مغفرة ما لم تشرك بي شيئا، وإن أخطأت حتى تبلغ خطاياك عَنَان السماء ثم استغفرتني، غفرت لك" (٧).

ولهذا شاهد في القرآن، قال الله تعالى (٨): ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [النساء: ٤٨، ١١٦].

وفي صحيح مسلم عن ابن مسعود: "من مات لا يشرك بالله شيئًا، دخل الجنة" (٩) والآيات والأحاديث في هذا كثيرة جدًا.

وروى ابن مَرْدُوَيه من حديث عبادة وأبي الدرداء: "لا تشركوا بالله شيئًا، وإن قُطِّعتم أو صُلِّبتم أو حُرِّقتم" (١٠).


(١) في د، أ: "ووصاكم"، وفي م: "أوصاكم".
(٢) الرجز في تفسير الطبري (١٢/ ٢١٦).
(٣) في م: "قلت: وفي بعض".
(٤) في أ: "وأنه ".
(٥) صحيح البخاري برقم (١٢٣٧) وصحيح مسلم برقم (٩٤).
(٦) زيادة من أ.
(٧) رواه أحمد في مسنده (٥/ ١٥٤) والترمذي في السنن برقم (٢٤٩٥) وابن ماجة في السنن برقم (٤٢٥٧) وقال الترمذي: "هذا حديث حسن".
(٨) في أ: "﷿".
(٩) صحيح مسلم برقم (٩٢).
(١٠) أما حديث أبي الدرداء، فرواه الطبراني في المعجم الكبير كما في معجم الزوائد (٤/ ٢١٦) من طريق شهر بن حوشب، عن أم الدرداء عن أبي الدرداء به. قال الهيثمي: "فيه شهر بن حوشب وحديثه حسن، وبقية رجاله ثقات". وأما حديث عبادة فهو الآتي.