للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ويفسد. فاشتد ذلك عليهم، فذكروا ذلك لرسول الله ، فأنزل الله [﷿] (١): ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ﴾ [البقرة: ٢٢٠]، قال: فخلطوا طعامهم بطعامهم، وشرابهم بشرابهم. رواه أبو داود.

وقوله: (حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ) قال الشعبي، ومالك، وغير واحد من السلف: يعني: حتى يحتلم.

وقال السُّدِّي: حتى يبلغ ثلاثين سنة، وقيل: أربعون سنة، وقيل: ستون سنة. قال: وهذا كله بعيد هاهنا، والله أعلم.

وقوله: (وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ) يأمر تعالى بإقامة العدل في الأخذ والإعطاء، كما توعد على تركه في قوله تعالى: ﴿وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ * أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [المطففين: ١ - ٦]. وقد أهلك الله أمة من الأمم كانوا يبخسون المكيال والميزان.

وفي كتاب الجامع لأبي عيسى الترمذي، من حديث الحسين بن قيس أبي علي الرّحَبي، عن عِكْرِمة، عن ابن عباس قال: قال رسول الله لأصحاب الكيل والميزان: "إنكم وُلّيتم أمرًا هلكت فيه الأمم السالفة قبلكم". ثم قال: لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث الحُسين، وهو ضعيف في الحديث، وقد روي بإسناد صحيح عن ابن عباس موقوفا (٢).

قلت: وقد رواه ابن مَرْدُوَيه في تفسيره، من حديث شَرِيك، عن الأعمش، عن سالم بن أبي الجَعْد، عن ابن عباس قال: قال رسول الله : "إنكم مَعْشَر الموالي قد بَشَّرَكم الله بخصلتين بها هلكت القرون المتقدمة: المكيال والميزان" (٣).

وقوله تعالى: (لا نُكَلِّفُ (٤) نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا) أي: من اجتهد في أداء الحق وأخذه، فإن أخطأ بعد استفراغ وسعه وبذل جهده فلا حرج عليه.

وقد روى ابن مَرْدُوَيه من حديث بَقِيَّة، عن مُبَشر (٥) بن عبيد، عن عمرو بن ميمون بن مهْران، عن أبيه، عن سعيد بن المسَيَّب قال: قال رسول الله : (وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا) فقال: "من أوفى على يده في الكيل والميزان، والله يعلم صحة نيته بالوفاء فيهما، لم يؤاخذ". وذلك تأويل (وُسْعَهَا) هذا مرسل غريب (٦).


(١) زيادة من أ.
(٢) سنن الترمذي برقم (١٢١٧) ورواه البيهقي في شعب الإيمان برقم (٥٢٨٨) وابن عدي في الكامل (٢/ ٣٥٢) من طريق الحسين بن قيس أبي علي الرحبي به.
(٣) ذكره السيوطي في الدر المنثور (٣/ ٣٨٥).
(٤) في أ: "لا يكلف الله".
(٥) في أ: "ميسر".
(٦) ذكره السيوطي في الدر المنثور (٣/ ٣٨٤) ولم يعزه لأحد غيره، وفي إسناده مبشر بن عبيد الحمصي. قال أحمد: كان يضع الحديث، وقال البخاري: روى عنه بقية، منكر الحديث.