للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

في بعض ألفاظ الصحيح: "فإنما تركها من جرائي" (١) أي: من أجلي. وتارة يتركها نسيانًا وذُهولا عنها، فهذا لا له ولا عليه؛ لأنه لم ينو خيرًا ولا فعل (٢) شرًا. وتارة يتركها عجزا وكسلا بعد السعي في أسبابها والتلبس بما يقرب منها، فهذا يتنزل منزلة فاعلها، كما جاء في الحديث، في الصحيحين: "إذا تواجه المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار". قالوا: يا رسول الله، هذا القاتل، فما بال المقتول؟ قال: "إنه كان حريصًا على قتل صاحبه" (٣).

قال الإمام أبو يعلى الموصلي: حدثنا مجاهد بن موسى، حدثنا علي -وحدثنا الحسن بن الصباح وأبو خَيْثَمَة -قالا حدثنا إسحاق بن سليمان، كلاهما عن موسى بن عبيدة، عن أبي بكر بن عبيد الله ابن أنس، عن جده أنس قال: قال رسول الله : "من هم بحسنة كتب الله له حسنة، فإن عملها كتبت له عشرا. ومن هم بسيئة لم تكتب عليه حتى يعملها، فإن عملها كتبت عليه سيئة، فإن تركها كتبت له حسنة. يقول الله تعالى: إنما تركها من مخافتي".

هذا لفظ حديث مجاهد -يعني ابن موسى (٤).

وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرحمن بن مَهْدِيّ، حدثنا شيبان بن عبد الرحمن، عن الرُّكَيْن بن الربيع، عن أبيه، عن عمه فلان بن عَمِيلة، عن خُرَيْم بن فاتك (٥) الأسدي؛ أن النبي قال: "الناس أربعة، والأعمال ستة. فالناس مُوَسَّع له في الدنيا والآخرة، وموسع له في الدنيا مَقْتور عليه في الأخرة، ومقتور عليه في الدنيا موسع له في الآخرة، وشَقِيٌ في الدنيا والآخرة. والأعمال مُوجبتان، ومثل بمثل، وعشرة أضعاف، وسبعمائة ضعف؛ فالموجبتان (٦) من مات مُسْلِمًا مؤمنًا لا يشرك بالله شيئًا وَجَبَتْ له الجنة، ومن مات كافرًا وجبت له النار. ومن هَمَّ بحسنة فلم يعملها، فعلم الله أنه قد أشعَرَها قَلْبَه وحرص عليها، كتبت له حسنة. ومن هم بسيئة لم تكتب عليه، ومن عملها كتبت واحدة ولم تضاعف عليه. ومن عمل حسنة كانت عليه (٧) بعشرة أمثالها. ومن أنفق نفقة في سبيل الله، ﷿، كانت له بسبعمائة ضعف" (٨).

ورواه الترمذي والنسائي، من حديث الرُّكَيْن بن الربيع، عن أبيه، عن بشير بن عَمِيلة، عن خُرَيْم بن فاتك، به ببعضه (٩). والله أعلم.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زُرْعَة، حدثنا عبيد الله بن عمر القواريري، حدثنا يزيد بن زُرَيْع،


(١) جزء من حديث رواه مسلم في صحيحه برقم (١٢٩) من حديث أبي هريرة، .
(٢) في أ: "عمل".
(٣) صحيح البخاري برقم (٣١) وصحيح مسلم برقم (٢٨٨٨) من حديث أبي بكرة نفيع بن الحارث، .
(٤) ذكره الحافظ ابن حجر في المطالب العالية (٣/ ٢١٨) ونسبه لأبي يعلى، وفي إسناده موسى بن عبيدة الربذي وهو ضعيف.
(٥) في أ: "قاتم".
(٦) في أ: "والموجبتان".
(٧) في م، أ: "له".
(٨) المسند (٤/ ٣٤٥).
(٩) سنن الترمذي برقم (١٦٢٥) والنسائي في السنن الكبرى برقم (١١٠٢٧) وقال الترمذي: "وفي الباب عن أبي هريرة، وهذا حديث حسن إنما نعرفه من حديث الركين بن الربيع".