للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والشيطان في لغة العرب مشتق من شَطَن إذا بعد، فهو بعيد بطبعه عن طباع البشر، وبعيد بفسقه عن كل خير، وقيل: مشتق من شاط لأنه مخلوق من نار، ومنهم من يقول: كلاهما صحيح في المعنى، ولكن الأول أصح، وعليه يدل كلام العرب؛ قال أمية بن أبي الصلت في ذكر ما أوتي سليمان، عليه (١) السلام:

أيما شاطِنٍ عصاه عكاه … ثمّ يُلْقى في السِّجْن والأغلال (٢)

فقال: أيما شاطن، ولم يقل: أيما شائط.

وقال النابغة الذبياني -وهو: زياد بن عمرو بن معاوية بن جابر بن ضباب بن يربوع بن مرة بن سعد بن ذُبْيان-:

نأت بسعاد عنك نَوًى شَطُونُ … فبانت والفؤادُ بها رَهِينُ (٣)

يقول: بعدت بها طريق بعيدة.

[وقال سيبويه: العرب تقول: تشيطن فلان إذا فَعَل فِعْل الشيطان ولو كان من شاط لقالوا: تشيط] (٤). والشيطان (٥) مشتق من البعد على (٦) الصحيح؛ ولهذا يسمون كل ما (٧) تمرد من جني وإنسي وحيوان شيطانًا، قال الله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا﴾ [الأنعام: ١١٢]. وفي مسند الإمام أحمد، عن أبي ذر، ، قال: قال رسول الله : " يا أبا ذر، تعوّذ بالله من شياطين الإنس والجن "، فقلت: أو للإنس شياطين؟ قال: " نعم " (٨). وفي صحيح مسلم عن أبي ذر -أيضًا-قال: قال رسول الله : " يقطع الصلاة المرأة والحمار والكلب الأسود ". فقلت: يا رسول الله، ما بال الكلب الأسود من الأحمر والأصفر (٩) فقال: " الكلب الأسود شيطان " (١٠). وقال ابن وهب: أخبرني هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، أن عمر بن الخطاب، ، ركب برْذونًا، فجعل يتبخْتر به، فجعل لا يضربه فلا يزداد إلا تبخترًا، فنزل عنه، وقال: ما حملتموني (١١) إلا على شيطان، ما نزلت عنه حتى أنكرت نفسي. إسناده (١٢) صحيح (١٣).


(١) في جـ، ب: "".
(٢) البيت في تفسير الطبري (١/ ١١٢) واللسان، مادة "عكا" ومادة "شطن".
(٣) البيت في تفسير الطبري (١/ ١١٢).
(٤) زيادة من جـ، ط.
(٥) في جـ، ط، ب: "فالشيطان".
(٦) في جـ، ط: "وهو".
(٧) في جـ، ط، ب: "من".
(٨) المسند (٥/ ١٧٨).
(٩) في جـ، ط، ب، أ، و: "من الأصفر".
(١٠) رواه الطبري في تفسيره (١/ ١١١).
(١١) في ب: "ما حملتمون".
(١٢) في ط، ب، أ، و: "إسناد".
(١٣) رواه الطبري في تفسيره (١/ ١١١).