للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله: (لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ) أي ليختبركم في الذي أنعم به عليكم وامتحنكم به، ليختبر الغني في غناه ويسأله عن شكره، والفقير في فقره ويسأله عن صبره.

وقد روى مسلم في صحيحه، من حديث أبي نَضْرة، عن أبي سعيد الخدري، ، قال: قال رسول الله : "إن الدنيا حُلْوَة خَضِرَة وإن الله مُسْتَخْلِفكم فيها لينظر كيف (١) تعملون، فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء" (٢).

وقوله: (إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) ترهيب وترغيب، أن حسابه وعقابه سريع ممن (٣) عصاه وخالف رسله (وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) لمن والاه واتبع رسله فيما جاءوا به من خير وطلب.

وقال محمد بن إسحاق: يرحم العباد على ما فيهم. رواه ابن أبي حاتم.

وكثيرا ما يقرن تعالى في القرآن بين هاتين الصفتين، كما قال [تعالى] (٤): وقوله: ﴿نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمُ﴾ [الحجر: ٤٩، ٥٠]، [وقوله] (٥): ﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [الرعد: ٦] وغير ذلك من الآيات المشتملة على الترغيب والترهيب، فتارة يدعو عباده إليه بالرغبة وصفة الجنة والترغيب فيما لديه، وتارة يدعوهم إليه بالرهبة وذكر النار وأنكالها وعذابها والقيامة وأهوالها، وتارة بهذا وبهذا ليَنْجَع في كُلَّ بحَسَبِه. جَعَلَنا الله ممن (٦) أطاعه فيما أمر، وترك ما عنه نهى وزَجَر، وصدقه فيما أخبر، إنه قريب مجيب سميع الدعاء، جواد كريم وهاب.

وقد قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرحمن، حدثنا زُهَيْر، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة [] (٧) أن النبي قال: "لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة ما طَمِع بالجنة أحد، ولو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة ما قَنطَ من الجنة أحد، خلق الله مائة رَحْمَة فوضع واحدة بين خلقه يتراحمون بها، وعند الله تسعة وتسعون".

ورواه الترمذي، عن قُتَيْبَة، عن عبد العزيز الدَّراوَرْدي، عن العلاء به. وقال: حسن [صحيح] (٨). ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى وقتيبة وعلي بن حُجْر، ثلاثتهم عن إسماعيل بن جعفر، عن العلاء (٩).

[آخر تفسير سورة الأنعام ولله الحمد والمنة] (١٠)


(١) في أ: "فناظر ماذا".
(٢) صحيح مسلم برقم (٢٧٤٢).
(٣) في أ: "فيمن".
(٤) زيادة من أ.
(٥) زيادة من أ.
(٦) في أ: "فيمن".
(٧) زيادة من أ.
(٨) زيادة من أ.
(٩) المسند (٢/ ٤٨٤) وسنن الترمذي برقم (٣٥٤٢) ورواه مسلم في صحيحه برقم (٢٧٥٢) حدثنا يحيي بن أيوب وقتيبة وابن حجر، عن إسماعيل بن جعفر به.
(١٠) زيادة من م، أ.