للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مما وُصِفَ لكم". قلت لنعيم بن حماد: أين سمعت هذا من عبد الرزاق؟ قال: باليمن (١) وفي بعض ألفاظ هذا الحديث في غير الصحيح: "وخلقت الحور العين من الزعفران" (٢).

وقال ابن جرير: حدثنا القاسم، حدثنا الحسين، حدثنا محمد بن كثير، عن ابن شَوْذَب، عن مطر الوَرَّاق، عن الحسن في قوله: (خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ) قال: قاس إبليس، وهو أول من قاس. إسناده صحيح.

وقال: حدثني عمرو بن مالك، حدثنى يحيى بن سليم الطائفي (٣) عن هشام، عن ابن سيرين قال: أول من قاس إبليس، وما عُبِدت الشمس والقمر إلا بالمقاييس (٤) إسناد صحيح أيضا.

﴿قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ (١٣) قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (١٤) قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (١٥)

يقول تعالى مخاطبًا لإبليس بأمر قدري كوني: (فَاهْبِطْ مِنْهَا) أي: بسبب عصيانك لأمري، وخروجك عن طاعتي، فما يكون لك أن تتكبر فيها.

قال كثير من المفسرين: الضمير عائد إلى الجنة، ويحتمل أن يكون عائدًا على المنزلة التي هو فيها في الملكوت الأعلى.

(فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ) أي: الذليلين الحقيرين، معاملة له بنقيض قصده، مكافأة لمراده بضده، فعند ذلك استدرك اللعين وسأل النظرة إلى يوم الدين، قال: (أَنْظِرْنِي (٥) إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِين) أجابه تعالى إلى ما سأل، لما له في ذلك من الحكمة والإرادة والمشيئة التي لا تخالف ولا تمانع، ولا مُعَقِّبَ لحكمه، وهو سريع الحساب.

﴿قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (١٦) ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ (١٧)

يخبر تعالى أنه لما أنظر إبليس إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (٦) واستوثق إبليس بذلك، أخذ في المعاندة والتمرد، فقال: (فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ) أي: كما أغويتني.

قال ابن عباس: كما أضللتني. وقال غيره: كما أهلكتني لأقعدن لعبادك -الذين تخلقهم من


(١) رواه عبد الرزاق في المصنف برقم (٢٠٩٠٤).
(٢) ورواه الطبراني في المعجم الكبير (٨/ ٢٣٧) من طريق عبيد الله بن زحر، عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة، ، وفي إسناده عبيد الله بن زحر، قال ابن حبان في المجروحين: "يروى الموضوعات عن الأثبات، وإذا روى عن علي بن يزيد أتى بالطامات، وإذا اجتمع في إسناد خبر عبيد الله، وعلي بن يزيد، والقاسم أبو عبد الرحمن، لم يكن ذلك الخبر إلا مما عملته أيديهم".
(٣) في أ: "الطائي".
(٤) تفسير الطبري (١٢/ ٣٢٨).
(٥) في ك، م: "فأنظرني" وهو خطأ.
(٦) في م: "الدين" وهو خطأ.