للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عورته عند ذلك، وكان لا يراها. فانطلق هاربا في الجنة فتعلقت برأسه شجرة من شجر الجنة، فقال لها: أرسليني. فقالت: إني غير مرسلتك. فناداه ربه، ﷿: يا آدم، أمنّي تفر؟ قال: رب إني استحييتك. (١)

وقد رواه ابن جرير، وابن مَرْدُويه من طُرُق، عن الحسن، عن أبيّ بن كعب، عن النبي ، والموقوف أصحّ إسنادا. (٢)

وقال عبد الرزاق: أنبأنا سفيان بن عيينة وابن المبارك، عن الحسن بن عمارة، عن المِنْهَال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: كانت الشجرة التي نهى الله عنها آدم وزوجته، السنبلة. فلما أكلا منها بدت لهما سوآتهما، وكان الذي وارى عنهما من سوآتهما أظفارهما، وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وَرقَ التين، يلزقان بعضه إلى بعض. فانطلق آدم، ، موليا في الجنة، فعلقت برأسه شجرة من الجنة، فناداه: يا آدم، أمني تفر؟ قال: لا ولكني استحييتك يا رب. قال: أما كان لك فيما منحتك من الجنة وأبحتك منها مندوحة، عما حرمت عليك. قال: بلى يا رب، ولكن وعزتك ما حسبت أن أحدًا يحلف بك كاذبًا. قال: وهو قوله، ﷿ (٣) ﴿وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ﴾ قال: فبعزتي لأهبطنك إلى الأرض، ثم لا تنال العيش إلا كَدا. قال: فأهبط من الجنة، وكانا يأكلان منها رَغَدًا، فأهبط إلى غير رغد من طعام وشراب، فعُلّم صنعة الحديد، وأمر بالحرث، فحرث وزرع ثم سقى، حتى إذا بلغ حصد، ثم داسه، ثم ذَرّاه، ثم طحنه، ثم عجنه، ثم خبزه، ثم أكله، فلم يبلغه حتى بلغ منه ما شاء الله أن يبلغ (٤) وقال الثوري، عن ابن أبي ليلى، عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: (وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ) قال: ورق التين. صحيح إليه.

وقال مجاهد: جعلا يخصفان عليهما من ورق الجنة كهيئة الثوب.

وقال وَهْب بن مُنَبِّه في قوله: ﴿يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا﴾ قال: كان لباس آدم وحواء نورا على فروجهما، لا يرى هذا عورة هذه، ولا هذه عورة هذا. فلما أكلا من الشجرة بدت لهما سوآتهما. رواه ابن جرير بإسناد صحيح إليه.

وقال عبد الرزاق: أخبرنا مَعْمَر، عن قتادة قال: قال آدم: أي رب، أرأيت إن تبت واستغفرت؟ قال: إذًا أدخلك الجنة. وأما إبليس فلم يسأله التوبة، وسأله النظرة، فأعطي كل واحد منهما الذي سأله.


(١) تفسير الطبري (١٢/ ٣٥٤).
(٢) تفسير الطبري (١٢/ ٣٥٢) ورواه الحاكم في المستدرك (١/ ٣٤٥) من طريق يزيد بن الهاد، عن الحسن، عن أبي بن كعب بنحوه، وقال: "هذا لا يعلل حديث يونس بن عبيد، فإنه أعرف بحديث الحسن من أهل المدينة ومصر، والله أعلم" يقصد الحاكم ما أخرجه في المستدرك (١/ ٣٤٤) من طريق يونس بن عبيد، عن الحسن، عن عتي، عن أبي بن كعب بنحوه، فإنه قد علله في آخره بأنه قد روى عن الحسن، عن أبي دون ذكر عتي. ورواه عبد الرزاق في المصنف (٣/ ٤٠٠)، عن ابن جريج حدثت عن أبي بن كعب، عن النبي فذكره بنحوه
(٣) في د، م: "قول الله"، وفي ك: "قوله تعالى".
(٤) ورواه الطبري في تفسيره (١٢/ ٣٥٢) من طريق عبد الرزاق به.