للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال مالك وأبو حنيفة وأصحابهما: ليست آية من الفاتحة ولا من غيرها من السور، وقال الشافعي في قول، في بعض طرق مذهبه: هي آية من الفاتحة وليست من غيرها، وعنه أنها بعض آية من أول كل سورة، وهما غريبان.

وقال داود: هي آية مستقلة في أول كل سورة لا منها، وهذه رواية عن الإمام أحمد بن حنبل. وحكاه أبو بكر الرازي، عن أبي الحسن الكرخي، وهما من أكابر أصحاب أبي حنيفة، (١). هذا ما يتعلق بكونها من الفاتحة أم لا. فأمَّا ما يتعلق بالجهر بها، فمفرّع على هذا؛ فمن رأى أنها ليست من الفاتحة فلا يجهر بها، وكذا من قال: إنها آية من (٢) أوّلها، وأمَّا من قال بأنها من أوائل السور فاختلفوا؛ فذهب الشافعي، ، إلى أنه يجهر بها مع الفاتحة والسورة، وهو مذهب طوائف من الصحابة والتابعين وأئمة المسلمين سلفًا وخلفًا (٣)، فجهر بها من الصحابة أبو هريرة، وابن عمر، وابن عباس، ومعاوية، وحكاه ابن عبد البر، والبيهقي عن عمر وعليّ، ونقله الخطيب عن الخلفاء الأربعة، وهم: أبو بكر وعمر وعثمان وعليّ، وهو غريب. ومن التابعين عن سعيد بن جبير، وعِكْرِمة، وأبي قِلابة، والزهري، وعليّ بن الحسين، وابنه محمد، وسعيد بن المسيب، وعطاء، وطاوس، ومجاهد، وسالم، ومحمد بن كعب القرظي، وأبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، وأبي وائل، وابن سيرين، ومحمد بن المنْكَدِر، وعلي بن عبد الله بن عباس، وابنه محمد، ونافع مولى ابن عمر، وزيد بن أسلم، وعمر بن عبد العزيز، والأزرق بن قيس، وحبيب بن أبي ثابت، وأبي الشعثاء، ومكحول، وعبد الله بن مَعْقِل بن مُقَرِّن. زاد البيهقيّ: وعبد الله بن صفوان، ومحمد بن الحنفية. زاد ابن عبد البر: وعمرو بن دينار.

والحُجَّة في ذلك أنها بعض الفاتحة، فيجهر بها كسائر أبعاضها، وأيضًا فقد روى النسائي في سننه وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما، والحاكم في مستدركه، عن أبي هريرة أنه صلى فجهر في قراءته بالبسملة، وقال بعد أن فرغ: إني لأشبهكم صلاة برسول الله . وصححه الدارقطني والخطيب والبيهقي وغيرهم (٤).

وروى أبو داود والترمذي، عن ابن عباس: أن رسول الله كان يفتتح الصلاة ببسم الله الرحمن الرحيم. ثم قال الترمذي: وليس إسناده بذاك (٥).

وقد رواه الحاكم في مستدركه، عن ابن عباس قال: كان رسول الله يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم، ثم قال: صحيح (٦) وفي صحيح البخاري، عن أنس بن مالك أنه سئل عن قراءة


(١) ولشيخ الإسلام ابن تيمية تفصيل في هذه المسألة، فراجعه في: الفتاوى (٢٢/ ٤٣٨ - ٤٤٣).
(٢) في جـ، ط، ب: "في".
(٣) في جـ، ط، ب، أ، و: "خلفا وسلفا".
(٤) سنن النسائي (٢/ ١٣٤) وصحيح ابن خزيمة برقم (٤٩٩) وصحيح ابن حبان برقم (٤٥٠) "موارد" والمستدرك (١/ ٢٣٢).
(٥) سنن الترمذي برقم (٢٤٥).
(٦) المستدرك (١/ ٢٠٨) وفي إسناده عبد الله بن عمرو بن حسان، كذبه الدارقطني، وقال علي بن المديني: يضع الحديث؛ لذلك تعقب الذهبي الحاكم على تصحيحه فقال: "ابن كيسان كذبه غير واحد، ومثل هذا لا يخفى على المصنف" – أي الحاكم.