للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ماجه (١) وبين (٢) الروايتين اختلاف زيادات ونقصان، وقد ذكر فخر الدين الرازي في تفسيره عن بعضهم أن لله خمسة آلاف اسم: ألف في الكتاب والسنة الصحيحة، وألف في التوراة، وألف في الإنجيل، وألف في الزبور، وألف في اللوح المحفوظ] (٣).

وهو اسم لم يسم به غيره ؛ ولهذا لا يعرف في كلام العرب له اشتقاق من فعل ويفعل، فذهب من ذهب من النحاة إلى أنه اسم جامد لا اشتقاق له. وقد نقل القرطبي عن جماعة من العلماء منهم الشافعي والخطابي وإمام الحرمين والغزالي وغيرهم، وروي عن الخليل وسيبويه أن الألف واللام فيه لازمة. قال الخطابي: ألا ترى أنك تقول: يا الله، ولا تقول: يا الرحمن، فلولا أنه من أصل الكلمة لما جاز إدخال حرف النداء على الألف واللام (٤). وقيل: إنه مشتق، واستدلوا عليه بقول رؤْبَة بن العَجّاج:

لله در الغانيات المُدّه … سبحن واسترجعن من تألهي (٥)

فقد صرح الشاعر بلفظ المصدر، وهو التأله، من أله يأله إلاهة وتألهًا، كما روي أن ابن عباس قرأ: "ويذرك وَإلاهَتَك" قال: عبادتك، أي: أنه كان يُعْبَد ولا يَعْبُد، وكذا قال مجاهد وغيره.

وقد استدل بعضهم على كونه مشتقا بقوله: ﴿وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ﴾ [الأنعام: ٣] أي: المعبود في السماوات والأرض، كما قال: ﴿وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الأَرْضِ إِلَهٌ﴾ [الزخرف: ٨٤]، ونقل سيبويه عن الخليل: أن أصله: إلاه، مثل فعال، فأدخلت الألف واللام بدلا من الهمزة، قال سيبويه: مثل الناس، أصله: أناس، وقيل: أصل الكلمة: لاه، فدخلت الألف واللام للتعظيم وهذا اختيار سيبويه. قال الشاعر:

لاه ابن عمك لا أفضلت في حسب … عني ولا أنت دياني فتخزوني (٦)

قال القرطبي: بالخاء المعجمة، أي: فتسوسني، وقال الكسائي والفراء: أصله: الإله حذفوا الهمزة وأدغموا اللام الأولى في الثانية، كما قال: ﴿لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي﴾ [الكهف: ٣٨] أي: لكن أنا، وقد قرأها كذلك الحسن، قال القرطبي: ثم قيل: هو مشتق من وله: إذا تحير، والوله ذهاب العقل؛ يقال: رجل واله، وامرأة ولهى، وماء موله: إذا أرسل في الصحاري، فالله تعالى تتحير أولو الألباب والفكر في حقائق صفاته، فعلى هذا يكون أصله: ولاه، فأبدلت الواو همزة، كما قالوا في وشاح: أشاح، ووسادة: أسادة، وقال فخر الدين الرازي: وقيل: إنه مشتق من ألهت إلى فلان، أي: سكنت إليه، فالعقول لا تسكن إلا إلى ذكره، والأرواح لا تفرح إلا بمعرفته؛ لأنه الكامل على الإطلاق دون


(١) سنن الترمذي برقم (٣٥٠٢) وسنن ابن ماجة برقم (٣٨٦١) ورواية الترمذي متكلم فيها.
(٢) في و: "وفي".
(٣) زيادة من جـ، ط، أ، و.
(٤) تفسير القرطبي (١/ ١٠٣).
(٥) البيت في اللسان، مادة "مده" وفي تفسير الطبري (١/ ١٢٣).
(٦) البيت لذي الإصبع العدواني، وهو من شواهد ابن عقيل برقم (٢٠٨) على شرح الألفية، ولسان العرب مادة "لاه".