للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وحدثنا بشر (١) حدثنا يزيد، حدثنا سعيد، عن قتادة قال: كان الحسن يقول: هم اليهود والنصارى، رزقهم الله أولادًا، فهوّدوا ونَصَّروا (٢)

وهذه أسانيد صحيحة عن الحسن، ، أنه فسر الآية بذلك، وهو من أحسن التفاسير وأولى ما حملت (٣) عليه الآية، ولو كان هذا الحديث عنده محفوظًا عن رسول الله ، لما عدل عنه هو ولا غيره، ولا سيما مع تقواه لله وَوَرَعه، فهذا يدلك على أنه موقوف على الصحابي، ويحتمل أنه تلقاه من بعض أهل الكتاب، من آمن منهم، مثل: كعب أو وهب بن مُنَبّه وغيرهما، كما سيأتي بيانه إن شاء الله [تعالى] (٤) إلا أننا برئنا من عهدة المرفوع، والله أعلم.

فأما (٥) الآثار فقال محمد بن إسحاق بن يسار، عن داود بن الحُصَين، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: كانت حواء تلد لآدم، ، أولادا فيعبدهم لله ويُسَمّيه: "عبد الله" و"عبيد الله"، ونحو ذلك، فيصيبهم الموت فأتاهما إبليس وآدم فقال: إنكما لو تسميانه بغير الذي تُسميانه به لعاش (٦) قال: فولدت له رجلا (٧) فسماه "عبد الحارث"، ففيه أنزل الله، يقول الله: (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ) إلى قوله: (جَعَلا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا) إلى آخر الآية.

وقال العَوْفي، عن ابن عباس قوله في آدم: (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ) إلى قوله: (فَمَرَّتْ بِهِ) شَكَّت (٨) أحَبَلتْ أم لا؟ (فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ) فأتاهما الشيطان، فقال: هل تدريان ما يولد لكما؟ أم هل تدريان ما يكون؟ أبهيمة (٩) يكون أم لا؟ وزيَّن لهما الباطل؛ إنه غوي مبين، وقد كانت قبل ذلك ولدت ولدين فماتا، فقال لهما الشيطان: إنكما إن لم تسمياه بي، لم يخرج سويا، ومات كما مات الأولان (١٠) فسميا ولدهما "عبد الحارث"، فذلك قول الله [تعالى] (١١) (فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا) الآية.

وقال عبد الله بن المبارك، عن شريك، عن خصيف، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في قوله: (فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا) قال: قال الله تعالى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا) آدم (حَمَلَتْ [حَمْلا خَفِيفًا]) (١٢) فأتاهما إبليس -لعنه الله -فقال: إنى صاحبكما الذي أخرجتكما من الجنة لَتطيعُنِّي أو لأجعلنَّ قرني له (١٣) أيل فيخرج من بطنك فيشقه، ولأفعلنَّ ولأفعلنَّ -يخوفهما -فسمِّياه "عبد الحارث" فأبيا أن يطيعاه، فخرج ميتا، ثم حملت الثانية، فأتاهما أيضا فقال: أنا صاحبكما الذي فعلت ما فعلت، لتفعلُنَّ أو لأفعلَنَّ -يخوفهما -فأبيا أن يطيعاه، فخرج ميتا، ثم حملت الثالثة فأتاهما أيضا، فذكر لهما، فأدركهما حبُّ الولد، فسمياه "عبد الحارث"، فذلك قوله: (جَعَلا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا) رواه ابن أبي حاتم.


(١) في أ: "بشير".
(٢) تفسير الطبري (١٣/ ٣١٥).
(٣) في أ: "ما دلت".
(٤) زيادة من م.
(٥) في د، م: "وأما".
(٦) في ك: "فعاش".
(٧) في أ: "ولدا".
(٨) في م، أ: "فشكت".
(٩) في ك: "بهيمة".
(١٠) في ك، م، أ: "الأول".
(١١) زيادة من ك.
(١٢) زيادة من أ.
(١٣) في م، ك: "له قرن".