للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في قوله: (خُذِ الْعَفْوَ) أمره الله بالعفو والصفح عن المشركين عشر سنين، ثم أمره بالغلظة عليهم. واختار هذا القول ابن جرير.

وقال غير واحد، عن مجاهد في قوله تعالى: (خُذِ الْعَفْوَ) قال: من أخلاق الناس وأعمالهم من غير تحسس (١)

وقال هشام بن عُرْوة، عن أبيه: أمر الله رسوله أن يأخذ العفو من أخلاق الناس. وفي رواية قال: خذ ما عفي لك من أخلاقهم.

وفي صحيح البخاري، عن هشام، عن أبيه عروة، عن أخيه (٢) عبد الله بن الزبير قال: إنما أنزل (٣) (خُذِ الْعَفْوَ) من أخلاق الناس (٤) وفي رواية لغيره: عن هشام، عن أبيه، عن ابن عمر. وفي رواية: عن هشام، عن أبيه، عن عائشة أنهما قالا مثل ذلك (٥) والله أعلم.

وفي رواية سعيد بن منصور، عن أبي معاوية، عن هشام، عن وهب بن كيسان، عن ابن (٦) الزبير: (خُذِ الْعَفْوَ) قال: من أخلاق الناس، والله لآخذنه منهم ما صحبتهم. وهذا أشهر الأقوال، ويشهد له ما رواه ابن جرير وابن أبي حاتم جميعا: حدثنا يونس حدثنا سفيان -هو ابن عيينة -عن أمي قال: لما أنزل الله، ﷿، على نبيه : (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ) قال رسول الله : "ما هذا يا جبريل؟ " قال: إن الله أمرك أن تعفو عمن ظلمك، وتعطي من حرمك، وتصل من قطعك.

وقد رواه ابن أبي حاتم أيضا، عن أبي يزيد القراطيسي كتابة، عن أصْبَغ بن الفرج، عن سفيان، عن أُمَيّ عن الشعبي. نحوه، وهذا -على كل حال -مرسل، وقد روي له شاهد (٧) من وجوه أخر، وقد روي مرفوعا عن جابر وقيس بن سعد بن عبادة، عن النبي ، أسندهما ابن مردويه (٨)

وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو المغيرة، حدثنا معاذ بن رفاعة، حدثني علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة الباهلي، عن عقبة بن عامر، ، قال: لقيت رسول الله فابتدأته، فأخذت بيده، فقلت: يا رسول الله، أخبرني بفواضل الأعمال. فقال: "يا عقبة، صل من قطعك، وأعط من حرمك، وأعرض عمن ظلمك".

وروى الترمذي نحوه، من طريق عبيد الله بن زَحْر (٩) عن علي بن يزيد، به. وقال حسن (١٠)

قلت: ولكن "علي بن يزيد" وشيخه "القاسم أبو عبد الرحمن"، فيهما ضعف.


(١) في د، ك، م: "تحسيس"، وفي أ: "تجسيس".
(٢) في أ: "عن أبيه".
(٣) في أ: "أنزل الله".
(٤) صحيح البخاري برقم (٤٦٤٣، ٤٦٤٤).
(٥) قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (٨/ ٣٠٥): "وقال عبيد الله بن عمر، عن هشام، عن أبيه، عن ابن عمر، أخرجه البزار والطبراني وهي شاذة، وكذا رواية حماد بن سلمة، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة عند ابن مردويه".
(٦) في أ: "عن أبي".
(٧) في ك، م: "شواهد".
(٨) ذكره السيوطي في الدر المنثور (٣/ ٦٢٨).
(٩) في م: "أحمد"، وفي أ: "نحر".
(١٠) المسند (٤/ ١٤٨) وسنن الترمذي برقم (٢٤٠٦).