للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

: "من قتل قتيلا فله كذا وكذا، ومن أتى بأسير فله كذا وكذا". فجاء أبو اليَسَر بأسيرين، فقال: يا رسول الله، (١) وعدتنا، فقام سعد بن عبادة فقال: يا رسول الله، إن أعطيت هؤلاء لم يبق لأصحابك شيء، وإنه لم يمنعنا من هذا زهادة في الأجر، ولا جبن عن العدو، وإنما قمنا هذا المقام محافظة عليك، نخاف أن يأتوك من ورائك، فتشاجروا، ونزل القرآن: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأنْفَالِ قُلِ الأنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ) قال: ونزل القرآن: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ [وَلِلرَّسُولِ](٢) إلى آخر الآية [الأنفال: ٤١] (٣)

وقال الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام، ، في كتاب "الأموال الشرعية وبيان جهاتها ومصارفها": أما الأنفال: فهي المغانم، وكل نيل ناله المسلمون من أموال أهل الحرب، فكانت الأنفال الأولى إلى النبي ، يقول الله تعالى: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأنْفَالِ قُلِ الأنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ) فقسمها يوم بدر على ما أراده الله من غير أن يخمسها على ما ذكرناه في حديث سعد، ثم نزلت بعد ذلك آية الخمس، فنسخت الأولى (٤)

قلت: هكذا روى علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، سواء. وبه قال مجاهد، وعكرمة والسُّدِّيّ.

وقال ابن زيد: ليست منسوخة، بل هي محكمة.

قال أبو عبيد: وفي ذلك آثار، والأنفال أصلها جمع (٥) الغنائم، إلا أن الخمس منها مخصوص لأهله على ما نزل به الكتاب، وجرت به السنة. ومعنى الأنفال في كلام العرب: كل إحسان فعله فاعل تفضلا من غير أن يجب ذلك عليه، فذلك النفل الذي أحله الله للمؤمنين من أموال عدوهم وإنما هو شيء خصه الله به تطولا منه عليهم بعد أن كانت المغانم محرمة على الأمم قبلهم، فنفلها الله هذه الأمة فهذا أصل النفل.

قلت: شاهد هذا في الصحيحين عن جابر: أن رسول الله قال: "أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي" فذكر الحديث، إلى أن قال: "وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي"، وذكر تمام الحديث (٦)

ثم قال أبو عبيد: ولهذا سمى ما جعل الإمام للمقاتلة نفلا وهو تفضيله بعض الجيش على بعض بشيء سوى سهامهم، يفعل ذلك بهم على قدر الغناء عن الإسلام والنكاية في العدو. وفي النفل الذي ينفله الإمام سنن أربع، لكل واحدة منهن موضع غير موضع الأخرى:


(١) في أ: "يا رسول الله إنك".
(٢) زيادة من أ.
(٣) رواه عبد الرزاق في المصنف برقم (٩٤٨٣) عن الثوري به.
(٤) الأموال (ص ٤٢٦).
(٥) في د، ك، أ: "جماع".
(٦) انظر: تخريج هذا الحديث عند تفسير الآية: ٤٣ من سورة النساء.