للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لجلال وجهك وعظيم سلطانك، فعضلت بالملكين فلم يدريا كيف يكتبانها، فصعدا إلى السماء فقالا يا رب، إن عبدا قد قال مقالة لا ندري كيف نكتبها، قال الله -وهو أعلم بما قال عبده-: ماذا قال عبدي؟ قالا يا رب إنه قد قال: يا رب لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك. فقال الله لهما: اكتباها كما قال عبدي حتى يلقاني فأجزيه بها" (١). وحكى القرطبي عن طائفة أنهم قالوا: قول العبد: الحمد لله رب العالمين، أفضل من قول: لا إله إلا الله؛ لاشتمال الحمد لله رب العالمين على التوحيد مع الحمد، وقال آخرون: لا إله إلا الله أفضل لأنها الفصل بين الإيمان والكفر، وعليها يقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله كما ثبت في الحديث المتفق عليه وفي الحديث الآخر في السنن: "أفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له" (٢). وقد تقدم عن جابر مرفوعا: "أفضل الذكر لا إله إلا الله، وأفضل الدعاء الحمد لله". وحسنه الترمذي.

والألف واللام في الحمد لاستغراق جميع أجناس الحمد، وصنوفه لله تعالى كما جاء في الحديث: "اللهم لك الحمد كله، ولك الملك كله، وبيدك الخير كله، وإليك يرجع الأمر كله" الحديث (٣).

(رَبِّ الْعَالَمِينَ) والرب هو: المالك المتصرف، ويطلق في اللغة على السيد، وعلى المتصرف للإصلاح، وكل ذلك صحيح في حق الله تعالى.

[ولا يستعمل الرب لغير الله، بل بالإضافة تقول: رب الدار رب كذا، وأما الرب فلا يقال إلا لله ﷿، وقد قيل: إنه الاسم الأعظم] (٤). والعالمين: جمع عالم، [وهو كل موجود سوى الله ﷿] (٥)، والعالم جمع لا واحد له من لفظه، والعوالم أصناف المخلوقات [في السماوات والأرض] (٦) في البر والبحر، وكل قرن منها وجيل يسمى عالمًا أيضًا.

قال بشر بن عمارة، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس: (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) [الفاتحة: ٢] الحمد لله الذي له الخلق كله، السماوات والأرضون، ومن فيهن وما بينهن، مما نعلم، وما لا نعلم.

وفي رواية سعيد بن جبير، وعكرمة، عن ابن عباس: رب الجن والإنس. وكذلك قال سعيد بن


(١) سنن ابن ماجة برقم (٣٨٠١) من طريق صدقة بن بشير عن قدامة بن إبراهيم، عن ابن عمر ، وقال البوصيري في الزائد (٣/ ١٩١): "هذا إسناد فيه مقال، قدامة بن إبراهيم ذكره ابن حبان في الثقات، وصدقة بن بشير لم أر من جرحه ولا من وثقه، وباقي رجال الإسناد ثقات".
(٢) رواه الترمذي في السنن برقم (٣٥٨٥) من طريق حماد بن أبي حميد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده به، وقال الترمذي: "هذا حديث غريب من هذا الوجه، وحماد بن أبي حميد هو محمد بن أبي حميد، وهو أبو إبراهيم الأنصاري المديني وليس بالقوي عند أهل الحديث".
(٣) جاء من حديث أبي سعيد، وسعد بن أبي وقاص، ، أما حديث أبي سعيد، فرواه البيهقي في شعب الإيمان برقم (٤٤٠٠) من طريق خالد بن يزيد عن ابن أبي ذئب، عن زيد بن أسلم، عن عطاء، عن أبي سعيد الخدري. وأما حديث سعد، فرواه البيهقي في شعب الإيمان برقم (٤٣٩٩) من طريق أبي بلج، عن مصعب بن سعد عن أبيه سعد بن أبي وقاص.
(٤) زيادة من جـ، ط، أ، و.
(٥) زيادة من جـ، ط، أ، و.
(٦) زيادة من جـ، ط.