للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يموت على فراشه بقارعة أو صاعقة أو نحو ذلك، كما مات أبو لهب -لعنه الله-بالعَدَسة (١) بحيث لم يقربه أحد من أقاربه، وإنما غسلوه بالماء قذفًا من بعيد، ورجموه حتى دفنوه؛ ولهذا قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ) أي: له العزة ولرسوله وللمؤمنين بهما في الدنيا والآخرة، كما قال تعالى: ﴿إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ * [يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ] (٢)﴾ غافر [٥١ - ٥٢] (حَكِيم) فيما شرعه من قتال الكفار، مع القدرة على دمارهم وإهلاكهم، بحوله وقوته، .

﴿إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ (١١) إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ (١٢) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (١٣) ذَلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابَ النَّارِ (١٤)

يذكرهم الله (٣) بما أنعم به عليهم من إلقائه النعاس عليهم، أمانا من خوفهم الذي حصل لهم من كثرة عَدُوِّهم وقلة عَدَدهم، وكذلك فعل تعالى بهم يوم أُحُد، كما قال تعالى: ﴿ثُمَّ أَنزلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ﴾ [آل عمران: ١٥٤].

قال أبو طلحة (٤) كنت ممن أصابه النعاس يوم أحد، ولقد سقط السيف من يدي مرارا يسقط وآخذه، ويسقط وآخذه، ولقد نظرت إليهم يميدون وهم تحت الحَجَف.

وقال الحافظ أبو يعلى: حدثنا زُهَيْر، حدثنا ابن مَهْدِي، عن شعبة، عن أبي إسحاق، عن حارثة بن مُضَرِّب، عن علي، ، قال: ما كان فينا فارس يوم بدر غير المقداد، ولقد رأيتُنا وما فينا إلا نائم إلا رسول الله ، يصلي تحت شجرة ويبكي حتى أصبح (٥)

وقال سفيان الثوري، عن عاصم عن أبي رَزِين، عن عبد الله بن مسعود، ، أنه قال: النعاس في القتال أمنة من الله، وفي الصلاة من الشيطان.

وقال قتادة: النعاس في الرأس، والنوم في القلب.

قلت: أما النعاس فقد أصابهم يوم أحد، وأمر ذلك مشهور جدا، وأما يوم بدر في هذه الآية الشريفة (٦) إنما هي في سياق قصة بدر، وهي دالة على وقوع ذلك أيضا وكأن ذلك كان سجية


(١) قال ابن الأثير في النهاية (٣/ ١٩٠) في حديث أبي رافع: "أن أبا لهب رماه الله بالعدسة" وهي بثرة تشبه العدسة تخرج في مواضع من الجسد، من جنس الطاعون، تقتل صاحبها غالبا".
(٢) زيادة من أ.
(٣) في ك، م: "تعالى".
(٤) في أ: "قال على بن أبي طلحة".
(٥) مسند أبي يعلى (١/ ٢٤٢) ورواه أحمد في مسنده (١/ ١٢٥) من طريق عبد الرحمن بن مهدي بهذا الإسناد.
(٦) في ك، م: "الكريمة".