للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال أبو إسحاق السَّبِيعي، عن أبي عبيدة، عن عبد الله بن مسعود، ، قال: لقد قُلِّلُوا في أعيننا يوم بدر، حتى قلت لرجل إلى جانبي: تراهم سبعين؟ قال: لا بل [هم] (١) مائة، حتى أخذنا رجلا منهم فسألناه، قال (٢) كنا ألفا. رواه ابن أبي حاتم، وابن جرير (٣)

وقوله: (وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ) قال ابن أبي حاتم: حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا حماد بن زيد، عن الزبير بن الخرِّيت (٤) عن (٥) عكرمة: (وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ) قال: حضض بعضهم على بعض.

إسناد صحيح.

وقال محمد بن إسحاق: حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه في قوله تعالى: (لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولا) أي: ليلقي بينهم الحرب، للنقمة ممن أراد الانتقام منه، والإنعام على من أراد تمام النعمة عليه من أهل ولايته.

ومعنى هذا أنه تعالى أغرى كلا من الفريقين بالآخر، وقلَّله في عينه ليطمع فيه، وذلك عند المواجهة. فلما التحم القتال وأيد الله المؤمنين بألف من الملائكة مردفين، بقي حزب الكفار يرى حزب الإيمان ضعفيه، كما قال تعالى: ﴿قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لأُولِي الأَبْصَارِ﴾ [آل عمران: ١٣]، وهذا هو الجمع بين هاتين الآيتين، فإن كلا منها (٦) حق وصدق، ولله الحمد والمنة.

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٤٥)

هذا تعليم الله (٧) عباده المؤمنين آداب اللقاء، وطريق الشجاعة عند مواجهة الأعداء، [فقال] (٨) (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا)

ثبت في الصحيحين، عن عبد الله بن أبي أوفى، عن رسول الله أنه انتظر في بعض أيامه التي لقي فيها العدو حتى إذا مالت الشمس قام فيهم فقال: " يا أيها الناس، لا تتمنوا لقاء العدو، واسألوا الله العافية، فإذا لقيتموهم فاصبروا (٩) واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف". ثم قام النبي وقال: " اللهم، مُنزل الكتاب، ومُجري السحاب، وهازم الأحزاب، اهزمهم وانصرنا عليهم" (١٠)


(١) زيادة من د، م.
(٢) في د: "فقال".
(٣) تفسير الطبري (١٣/ ٥٧٢).
(٤) في د: "الحارث".
(٥) في د: "وعن".
(٦) في د، م، أ: "منهما".
(٧) في د، ك، م: "تعليم من الله".
(٨) زيادة من د.
(٩) في أ: "فاثبتوا".
(١٠) صحيح البخاري برقم (٢٨١٨) وصحيح مسلم برقم (١٧٤٢).