للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال ابن جُرَيْج في قوله: (إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) هم قوم كانوا من المنافقين بمكة، قالوه يوم بدر.

وقال عامر الشعبي: كان ناس من أهل مكة قد تكلموا بالإسلام، فخرجوا مع المشركين يوم بدر، فلما رأوا قلة المسلمين قالوا: (غَرَّ هَؤُلاءِ دِينُهُمْ)

وقال مجاهد في قوله، ﷿: (إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هَؤُلاءِ دِينُهُمْ) قال: فئة من قريش: [أبو] (١) قيس بن الوليد بن المغيرة، وأبو قيس بن الفاكه بن المغيرة، والحارث بن زمعة بن الأسود بن المطلب، وعلي بن أمية بن خلف، والعاص بن منبه بن الحجاج، خرجوا مع قريش من مكة وهم على الارتياب فحبسهم ارتيابهم، فلما رأوا قلة أصحاب رسول الله ، قالوا: (غَرَّ هَؤُلاءِ دِينُهُمْ) حتى قدموا على ما قدموا عليه، مع قلة عددهم وكثرة عدوهم.

وهكذا قال محمد بن إسحاق بن يسار، سواء.

وقال ابن جرير: حدثنا محمد بن عبد الأعلى، حدثنا محمد بن ثور، عن مَعْمَر، عن الحسن في هذه الآية، قال: هم قوم لم يشهدوا القتال يوم بدر، فسموا منافقين -قال معمر: وقال بعضهم: هم قوم كانوا أقروا بالإسلام، وهم بمكة فخرجوا مع المشركين يوم بدر، فلما رأوا قلة المسلمين قالوا: (غَرَّ هَؤُلاءِ دِينُهُمْ) (٢)

وقوله: (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ) أي: يعتمد على جنابه، (فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ) أي: لا يُضام من التجأ إليه، فإن الله عزيز منيع الجناب، عظيم السلطان، حكيم في أفعاله، لا يضعها إلا في مواضعها، فينصر من يستحق النصر، ويخذل من هو أهل لذلك.

﴿وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (٥٠) ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ (٥١)

يقول تعالى: ولو عاينت يا محمد حال توفي الملائكة أرواح الكفار، لرأيت أمرا عظيما هائلا فظيعا منكرا؛ إذ يضربون وجوههم وأدبارهم، ويقولون لهم: (ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ)

قال ابن جريج، عن مجاهد: (وأدبارهم) استاههم، قال: يوم بدر.

قال ابن جُرَيْج، قال ابن عباس: إذا أقبل المشركون (٣) بوجوههم إلى المسلمين، ضربوا وجوههم بالسيوف، وإذا ولوا أدركتهم الملائكة فضربوا أدبارهم.

قال ابن أبي نَجِيح، عن مجاهد قوله: (إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ)


(١) زيادة من د، ك، أ، وابن هشام والطبري.
(٢) تفسير الطبري (١٤/ ١٣).
(٣) في ك: "المشركين" وهو خطأ.