للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وهذا أشبه الأقوال، ويشهد له قوله: ﴿وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الأعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ﴾ [التوبة: ١٠١].

وقوله: (وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ) أي: مهما أنفقتم في الجهاد، فإنه يوفى إليكم على التمام (١) والكمال، ولهذا جاء في حديث (٢) رواه أبو داود: أن الدرهم يضاعف ثوابه في سبيل الله إلى سبعمائة ضعف (٣) كما تقدم في قوله تعالى: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: ٢٦١].

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن القاسم بن عطية، حدثنا أحمد بن عبد الرحمن الدشتكي، حدثنا أبي، عن أبيه، حدثنا الأشعث بن إسحاق، عن جعفر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن النبي أنه كان يأمر ألا يتصدق إلا على أهل الإسلام، حتى نزلت: (وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ) فأمر بالصدقة بعدها على كل من سألك من كل دين. وهذا أيضًا غريب.

﴿وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٦١)

يقول تعالى: إذا خفت من قوم خيانة فانبذ إليهم عهدهم على سواء، فإن استمروا على حربك ومنابذتك فقاتلهم، (وَإِنْ جَنَحُوا) أي: مالوا (لِلسَّلْمِ) أي: المسالمة والمصالحة والمهادنة، (فَاجْنَحْ لَهَا) أي: فمل إليها، واقبل منهم ذلك؛ ولهذا لما طلب المشركون عام الحديبية الصلح ووضع الحرب بينهم وبين رسول الله تسع سنين؛ أجابهم إلى ذلك مع ما اشترطوا من الشروط الأخر.

وقال عبد الله بن الإمام أحمد: حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي، حدثنا فضيل بن سليمان -يعني: النميري -حدثنا محمد بن أبي يحيى، عن إياس بن عمرو الأسلمي، عن علي بن أبي طالب، ، قال: قال رسول الله : "إنه سيكون بعدى اختلاف -أو: أمر -فإن استطعت أن يكون السلم، فافعل" (٤)

وقال مجاهد: نزلت في بني قريظة.


(١) في ك: "إليكم وأنتم لا تظلمون على التمام".
(٢) في د: "في الحديث الذي".
(٣) سنن أبي داود برقم (٢٤٩٨) ولفظه: "إن الصلاة والصيام والذكر تضاعف على النفقة في سبيل الله بسبعمائة ضعف" وقد تقدم نحو هذا اللفظ عند تفسير الآية: ٢٦١ من سورة البقرة من حديث عمران بن حصين.
(٤) زوائد المسند (١/ ٩٠) وقال الهيثمي في المجمع (٧/ ٢٣٤): "رجاله ثقات".