للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مِثْلَ مَا قَالُوا، فَسَأَلَ رَبَّهُ (١) فَكَشَفَ عَنْهُمْ، فَلَمْ يَفُوا لَهُ بِشَيْءٍ مِمَّا قَالُوا، فَأَرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الدَّمَ، فَصَارَتْ مِيَاهُ آلِ فِرْعَوْنَ دَمًا، لَا يَسْتَقُونَ مِنْ بِئْرٍ وَلَا نَهْرٍ، وَلَا يَغْتَرِفُونَ مِنْ إِنَاءٍ، إِلَّا عَادَ دَمًا عَبِيطًا (٢)

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الْمَرْوَزِيُّ، أَنْبَأَنَا النَّضْرُ، أَنْبَأَنَا إِسْرَائِيلُ، أنبأنا جابر ابن يَزِيدَ (٣) عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرو: لَا تَقْتُلُوا الضَّفَادِعَ، فَإِنَّهَا لَمَّا أُرْسِلَتْ عَلَى قَوْمِ فِرْعَوْنَ (٤) انْطَلَقَ ضِفْدَعٌ مِنْهَا فَوَقَعَ فِي تَنُّورٍ فِيهِ نَارٌ، يَطْلُبُ بِذَلِكَ مَرْضَاتِ اللَّهِ، فَأَبْدَلَهُنَّ اللَّهُ مِنْ هَذَا أَبْرَدَ شَيْءٍ يَعْلَمُهُ مِنَ الْمَاءِ، وَجَعَلَ نَقِيقَهُنَّ التَّسْبِيحَ. وَرُوِيَ مِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، نَحْوَهُ (٥)

وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: يَعْنِي بِالدَّمِ: الرُّعَافَ. رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ.

{فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ (١٣٦) وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ (١٣٧) }

يُخْبِرُ تَعَالَى أَنَّهُمْ لَمَّا عَتَوَا وَتَمَرَّدُوا، مَعَ ابْتِلَائِهِ إِيَّاهُمْ بِالْآيَاتِ الْمُتَوَاتِرَةِ وَاحِدَةٍ بَعْدَ وَاحِدَةٍ، [أَنَّهُ] (٦) انْتَقَمَ مِنْهُمْ بِإِغْرَاقِهِ إِيَّاهُمْ فِي الْيَمِّ، وَهُوَ الْبَحْرُ الَّذِي فَرَقَهُ لِمُوسَى، فَجَاوَزَهُ وَبَنُو إِسْرَائِيلَ مَعَهُ، ثُمَّ وَرَدَهُ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ عَلَى أَثَرِهِمْ، فَلَمَّا اسْتَكْمَلُوا فِيهِ ارْتَطَمَ عَلَيْهِمْ، فَغَرِقُوا عَنْ آخِرِهِمْ، وَذَلِكَ بِسَبَبِ تَكْذِيبِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَتَغَافُلِهِمْ عَنْهَا.

وَأَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّهُ أَوْرَثَ الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ -وَهُمْ بَنُو إِسْرَائِيلَ - {مَشَارِقَ الأرْضِ وَمَغَارِبَهَا} كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ} [الْقَصَصِ:٥، ٦] وَقَالَ تَعَالَى: {كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيم وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ * كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ} [الدُّخَانِ:٢٥-٢٨]

وَعَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَقَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: {مَشَارِقَ الأرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا} يَعْنِي: الشَّامَ.

وَقَوْلُهُ: {وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا} قَالَ مُجَاهِدٌ وَابْنُ جَرِيرٍ: وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ}

وَقَوْلُهُ: {وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ} أَيْ: وَخَرَّبْنَا مَا كَانَ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ يَصْنَعُونَهُ مِنَ الْعِمَارَاتِ وَالْمَزَارِعِ، {وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ} قال ابن عباس ومجاهد: {يَعْرِشُونَ} يبنون.


(١) في ك، م: "فدعا".
(٢) رواه الطبري في تفسيره (١٣/٦٣) .
(٣) في أ: "زيد".
(٤) في ك، م، أ: "بني إسرائيل".
(٥) وفي إسناده جابر بن يزيد وهو ضعيف وقد ورد النهي عن قتل الضفدع مَرْفُوعًا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فروي عبد الرحمن التيمي، رضي الله عنه: "أن طبيبا ذكر ضفدعا في دواء عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فنهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قتله". أخرجه أبو داود في السنن برقم (٥٢٦٩) .
(٦) زيادة من أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>