للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

على الناس، يؤجل المشركين أربعة أشهر يسيحون في الأرض، فقرأها عليهم يوم عرفة، أجَّل المشركين عشرين من ذي الحجة، والمحرم، وصفر، وشهر ربيع الأول، وعشرا من ربيع الآخر، وقرأها عليهم في منازلهم، وقال: لا يحجن بعد عامنا هذا مشرك، ولا يطوفن بالبيت عريان.

وقال ابن أبي نَجِيح، عن مجاهد: (بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ) إلى أهل العهد: خزاعة، ومُدْلِج، ومن كان له عهد أو غيرهم. أقبل (١) رسول الله من تبوك حين فرغ، فأراد رسول الله الحج، ثم قال: "إنما يحضر المشركون فيطوفون عُرَاة، فلا أحب أن أحج حتى لا يكون ذلك". فأرسل أبا بكر وعليًا، ، فطافا بالناس في ذي المجَاز وبأمكنتهم التي كانوا يتبايعون بها بالمواسم كلها، فآذنوا أصحاب العهد بأن يأمنوا أربعة أشهر، فهي الأشهر المتواليات: عشرون من ذي الحجة إلى عشر يخلون من ربيع الآخر، ثم لا عهد لهم، وآذن الناس كلَّهم بالقتال إلا أن يؤمنوا.

وهكذا روي عن السدي: وقتادة.

وقال الزهري: كان ابتداء التأجيل من شوال وآخره سلخ المحرم.

وهذا القول غريب، وكيف يحاسبون بمدة لم يبلغهم حكمها، وإنما ظهر لهم أمرها يوم النحر، حين نادى أصحاب رسول الله بذلك، ولهذا قال تعالى:

﴿وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (٣)

يقول تعالى: وإعلام (مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ) وتَقَدُّم وإنذار إلى الناس، (يَوْمَ الْحَجِّ الأكْبَرِ) وهو يوم النحر الذي هو أفضل أيام المناسك وأظهرها وأكثرها جمعا (٢) (أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ) أي: بريء منهم أيضا.

ثم دعاهم إلى التوبة إليه فقال: (فَإِنْ تُبْتُمْ) أي: مما أنتم فيه من الشرك والضلال (فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ) أي: استمررتم على ما أنتم عليه (فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ) بل هو قادر، وأنتم في قبضته، وتحت قهره ومشيئته، (وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) أي: في الدنيا بالخزي والنَّكال، وفي الآخرة بالمقامع والأغلال.

قال البخاري، : حدثنا عبد الله بن يوسف، حدثنا الليث، حدثني عَقيل، عن ابن شهاب قال: أخبرني حُمَيد بن عبد الرحمن أن أبا هريرة قال: بعثني أبو بكر، ، في


(١) في ت، ك: "إقبال"، وفي د: "فقدم".
(٢) في د: "وأكبرها جميعا".